[بيان أن الله بريء من أفعال العباد]
  كدخول الشيء في الشيء، ولا خارج من الأشياء بائن عنها فيغبى عليه شيء من أمورهم، بل هو العالم بنفسه.
  وأنه ø شيء لا كالأشياء؛ إذ الأشياء من خلقه وصنعه، وقال ø: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}[الأنعام: ١٩]، فذكر سبحانه أنه شيء؛ لإثبات الوجود ونفي العدم، والعدم لا شيء.
  ثم يعلم أنه ø عدل في جميع أفعاله، ناظر لخلقه، رحيم بعباده، لا يكلفهم ما لا يطيقون، ولا يسألهم ما لا يجدون، و {لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ٤٠}[النساء]، وأنه لم يخلق الكفر ولا الجور ولا الظلم، ولا يأمر بها، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يظلم العباد، ولا يأمر بالفحشاء، وذلك أنه من فعل شيئاً من ذلك أو أراده أو رضي به فليس بحكيم ولا رحيم، وإن الله لرؤوف رحيم، جواد كريم متفضل، وأنه لم يحل بينهم وبين الإيمان، بل أمرهم بالطاعة، ونهاهم عن المعصية، وأبان لهم طريق الطاعة والمعصية، وهداهم النجدين، ومكّنهم من العملين، ثم قال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩]، وقال: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠}[الانشقاق]، وقال: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[النساء: ٣٩]، أوَيأمرهم بالكفر ثم يقول: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ}؟ [آل عمران: ١٠١] أوَيصرفهم عن الإيمان ثم يقول(١): {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ٣٢}؟ [يونس]، أوَيقضي عليهم بقتل الأنبياء صلى الله عليهم ثم يقول: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩١}؟ [البقرة].
[بيان أن الله بريء من أفعال العباد]
  والله ø بريء من أفعال العباد، وذلك قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}[النحل]، وقال سبحانه: {وَإِذَا فَعَلُوا
(١) في (ب): فيقول.