مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[صحة قياس أئمة أهل البيت $ لأنهم أعلم الخلق بالكتاب والسنة]

صفحة 577 - الجزء 1

  المعرفة بها في كل الحالات يكون إحكامه لتمثيل المثال على مثله، وتشبيه الشكل المطلوب منه بشكله، حتى يكون ما يأتي به مشابهاً لما يحتذي به، لا يخالفه في شبهه، ولا يفارقه في قياسه، ولن ينال ذلك غيره ممن لم يحكم أصول عمله، ولم يفهم متفرعات أنواع صناعته.

  فكذلك المتناول للقياس في الأحكام، المتعاطي لذلك من شرائع الإسلام، لا يجوز له قياسه، ولا يصح له مثاله حتى يكون لأصول الدين محكماً، ولشرائع العلم فَهِماً، ولمعرفة الكتاب والسنة قائماً؛ فعند ذلك يكون في قياسه كاملاً، ولعلمه محكماً، وعلى ما يطلب من ذلك كله قادراً.

[صحة قياس أئمة أهل البيت $ لأنهم أعلم الخلق بالكتاب والسنة]

  ثم اعلم أيها السائل علماً يقيناً، وافهم فهماً ثابتاً مبيناً، أن العلماء تتفاضل في علمها، وتتفاوت في قياسها وفهمها، وفيما قلنا به من ذلك ما يقول الله سبحانه: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف]، وأنه ليس أحد من المخلوقين أولى بفهم أحكام رب العالمين، ممن اختاره الله واصطفاه وانتجبه وارتضاه، فجعله مؤدياً لدينه، قائماً بحكمه، داعياً لبريته، حائطاً لخليقته، منفذاً لإرادته، داعياً إلى حجته، مبيناً لشريعته، آمراً بأمره، ناهياً عن نهيه، مقدماً لطاعته، راضياً لرضاه، ساخطاً لسخطه، إماماً لخليقته، هادياً لها إلى سبيله، داعياً لها إلى نجاتها، مخرجاً لها من عمايتها، مثبتاً لها على رشدها، مقيماً لها على جواد سبلها، ناصحاً لله فيها، قائماً بحقه سبحانه عليها.

  وذلك وأولئك فهم صفوة الله من خلقه، وخيرته من بريته، وخلفاؤه في أرضه، الأئمة الهادون، والقادة المرشدون، من أهل بيت محمد المصطفى، وعترة المرتضى، ونخبة العلي الأعلى، المجاهدون للظالمين، والمنابذون للفاسقين،