مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[ما هو الصور؟]

صفحة 662 - الجزء 1

  الله الضالون، من تشبيهه بخلقه، ونسْبِ الكلام إليه على طريق التكلم به، كما يعقلون في⁣(⁣١) كلام الآدميين، ويعرفون من كلام المخلوقين، تعالى عن ذلك أرحم الراحمين، وجل أن يكون كذلك رب العالمين.

[ما هو الصور؟]

  وسألت عن الصور فقلت: ما هو؟ وكيف هو؟ وعلى أي صفة هو؟

  واعلم رحمك الله أنه ليس ثم صور ينفخ فيه كما يقول الجاهلون، ويلفظ به العمون، وإنما الصور الذي ذكر الرحمن فيما نزَّل من واضح النور والبرهان - هو جمع⁣(⁣٢) الصوَر، والصوّر جمع الصورة، فالعرب تقول: صورة وصورتان وصور، ثم تجمع الصوَر فيكون جمعها صُوْراً، فهدا معنى الصور.

  ونَفْخُ الله فيها في النفخة الأولى فهو⁣(⁣٣): إفناؤها، وهو نفخه فيها، وهي الأبدان والصُّور - صور المخلوقين وأبدان العالمين - لما أراد من هلاكها وفنائها ودمارها، فواقعها وحلَّ بها من الله سبحانه ما أزالها، وحق بها منه ما أبادها، وواقعها منه ما أتلفها⁣(⁣٤)، فصارت بنفخ الله فيها وما وعدها من الموت والفناء إلى الزوال والانقضاء، فهذا معنى ما ذكر الله من النفخة الأولى في الصور المصورة، والأجسام المفتطرة.

  ومعنى النفخة الأخرى فهي نفخة الله الثانية في الصور والأبدان المتمزقة البالية؛ لما أراد من حياتها ونشرها وتجديدها [وردها]⁣(⁣٥) وبعثها من بعد موتها، فكان نفخه بالحياة فيها نفخة ثانية أخرى من بعد النفخة المهلكة الأولى، فكانت


(١) في (أ، ب، ج، هـ): من.

(٢) في (هـ): (جميع) ولعلها الصواب.

(٣) في (ب): هو.

(٤) في (أ، د): أتاها.

(٥) زيادة من (ج).