مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[معنى قوله تعالى: {والسماوات مطويات بيمينه}]

صفحة 668 - الجزء 1

  يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}⁣[النساء: ١٧٢]، فقال سبحانه: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ} ثم قال: {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} فذكر الملائكة بعد المسيح، فعلمنا أنها أكبر منه وأعظم وأفضل، وفي أقل مما ذكرنا ما كفى من كان ذا فهم واجتزاء.

[معنى قوله تعالى: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}]

  وسألت عن قول الله سبحانه: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧]؟

  وهذا رحمك الله فمثل ضربه الله لهم مما تعرفه العرب وتمثل به، وذلك أن العرب تقول لمالك الشيء: هو في يده، وهو في يمينه، تريد بذلك تأكيد الملك له؛ لأن كل ما كان في يد المالك فهو أقدر ما يكون عليه، [واليد في لسان⁣(⁣١) العرب هي الملك]⁣(⁣٢)، ألا تسمع كيف تقول العرب: بلاد كذا وكذا في يد فلان، وقرية كذا وكذا في يد فلان، وتقول العرب: بنو فلان في يد فلان، يريدون: في طاعته وملكه، لا بين أصابعه ولا في كفه، فأرادوا بذلك الملك ونفاذ الأمر فيهم، لا القبض بالأصابع والضم لها عليهم، فأخبر الله تبارك وتعالى أن مقدرته على ما ذكر من السموات المطويات فوق مقدرتهم على ما هو في ملكهم.

  فأما قوله: {مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} فإخبار منه لهم أن السموات مطويات في ملكه، متصرفات في أمره، مجموعات في حكمه، كما يجمع الشيءَ المطويَّ جامعُه، ويحوزه ويضم عليه طاويه، فمثَّل لهم أمر نفاذ حكمه في السموات وقدرته عليهم، بما يعرفون من مقدرتهم على ما يطوونه وينشرونه من كتب أو صحف، أو غير ذلك من المطويات المملوكات. فهذا [معنى]⁣(⁣٣) ما عنه سألت من قول الله سبحانه في السموات إنهن مطويات.


(١) في (ب، هـ): كلام.

(٢) ما بين المعقوفين سقطت من (أ، د).

(٣) زيادة من (ج).