مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[إذا خرج إمامان أو أكثر في عصر واحد فمن المستحق منهم؟]

صفحة 695 - الجزء 1

  فآتاه من الثواب والجزاء أكثر مما لو رد إليه أموال الدنيا، ويعرفه سبحانه أن ذلك جزاء على ما كان من صبره واحتسابه، بما ذهب في الدنيا من ماله، ويستوفي له من ظالمه الفاسق الردي بالزيادة في العذاب الأليم، حتى يعلم الخائن أن ذلك نزل به خصوصية على مظلمة المؤمن، ويطلع الله المؤمن على ما أنزل بظالمه، ويعلمه أن ذلك الذي حل به من الزيادة في العذاب هو من أجل ما غصبه من ماله فظلمه به في حقه.

  فهذا حال المؤمن المظلوم، وحال الفاسق الظالم عند الجزاء في الآخرة التي تبقى؛ فإن كان الظالم والمظلوم فاسقين عذبهما على كفرهما وفسقهما، وزيد في عذاب الظالم من الفاسِقَينِ لصاحبه، حتى يعلم كلاهما أن تلك الزيادة نزلت بالظالم لتعديه في حكم ربه، وتناوله لما حرم الله عليه من ظلمه، ومنع منه من غشمه. فافهم هديت ما به قلنا فيما عنه سألت، وشرحنا.

[إذا خرج إمامان أو أكثر في عصر واحد فمن المستحق منهم؟]

  وسألت عن الأئمة يخرج واحد واثنان وثلاثة وأربعة في عصر واحد يكونون أكفياء⁣(⁣١) - زعمت - في العلم والجسم والورع، فقلت: من المستحق منهم [للإمامة]⁣(⁣٢)؟

  واعلم رحمك الله أن الأمر لأفضلهم فضلاً، وأبرعهم معرفة وعلماً.

  فإن قلت: قد استووا في ذلك - فلن يستووا ولن يشتبهوا عند من جعل الله له لباً وتمييزاً وفهماً، وذلك أنهم إن استووا في الورع فلن يستووا في العلم، وإن استووا في العلم فلن يستووا في سائر الخصال، وإن التبس أمرهم في ذلك عند الجهال لم يلتبس أمرهم في التعبير والكلام، والتبيين والشرح لشرائع الإسلام،


(١) في (ب، هـ): أكفاء.

(٢) (للإمامة) في (ج).