[كيف كانت مصالحة الرسول ÷ لأهل الكتاب؟]
  الآية في كتاب على حدة شرحاً مبيناً مفسراً، مستغنياً بما مضى في الكتاب عن تكراره في هذا الموضع، من شرح ذلك كفاية لمن فهم، واهتدى لمعرفة ربه فعلم.
[كيف كانت مصالحة الرسول ÷ لأهل الكتاب؟]
  وسألت عما ذكر أن رسول الله ÷ صالح أهل الكتاب على أن يكون أولادهم مسلمين، لا يعلِّمونهم اليهودية ولا النصرانية، وقلت: قد نقضوا العهد، فهل للإمام أن يبدأهم؟
  وقلت: إنه يقال إنهم الذين عنى الله بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ}[التوبة: ١٢٣]، دون غيرهم.
  واعلم هداك الله أن اليهود ليسوا في شيء من هذا، وإنما أولئك الذين صالحهم رسول الله ÷ على أن لا يصبغوا أولادهم، ولا يدخلوهم في شيء من أديانهم، هم نصارى بني تغلب دون غيرهم من النصارى، وذلك أن بني تغلب عرب، وليسوا من بني إسرائيل، فأنِفُوا حين أخذ رسول الله ÷ الجزية من جميع أهل الذمة، فطلبوا من رسول الله ÷ أن يأخذ منهم كما يأخذ من العرب العشر، فأخبرهم ÷ أن العشر لا يكون إلا صدقة، وأن الصدقة لا تؤخذ إلا من أهل الصلاة؛ لأنها تطهرة لهم وتزكية، فسألوه أن يأخذ منهم ضعفي ما يأخذ من المسلمين على طريق الصلح؛ لسلامة أنفسهم ونجاة رقابهم، لا على طريق الزكاة والتطهرة، فصالحهم ÷ على ذلك، وعلى أن لا يصبغوا أولادهم، وأن يكون أولادهم [من](١) بعدهم مسلمين.
  فأخذ منهم من أموالهم في كل أربعين شاة شاتين، وفي كل ثلاثين بقرة تبيعين أو تبيعتين، وفي الإبل في كل خمس شاتين، وفيما يكال الخمس مما سقي سيحاً(٢)
(١) زيادة من (هـ).
(٢) السيح: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض، تسميته بالمصدر. (معجم وسيط).