مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[معنى قوله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى}]

صفحة 703 - الجزء 1

  من عجائب خلقه وعظيم فعله ما حجبه عن غيره ولم يكرم به سواه؛ فإذا كان نائماً في ذلك كله فلم ينتفع بشيء مما صعد إلى السماء له، ولم ير شيئاً مما ينتفع به؛ فلذلك استحال أن يكون نائماً كما قال من جهل.

[معنى قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}]

  وسألت عن قول الله سبحانه: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩}⁣[النجم]؟

  الجواب: أن الذي صار قاب قوسين أو أدنى هو جبريل صلى الله عليه، فكان في هذا الموقف قد دنا من رسول الله ÷ في صورته التي هو عليها مع الملائكة المقربين، حتى كان من الرسول قاب قوسين أو أدنى.

  ومعنى «قاب قوسين»: فهو مقياس رميتين بالقوس في الهواء. فدنا منه صلى الله عليهما حتى كان في الموضع الذي ذكره الله تبارك وتعالى فيه: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ١٠}⁣[النجم]، مما أرسله الله به من الأشياء، فهذا تفسير ما عنه سألت من قوله: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩}.

[ما يجزي الأعجمي مع أصل التوحيد]

  وسألت عن عجمي لا يحسن إلا سورة أو سورتين من القرآن، فقلت: هل يجزيه إذا عرف أصل التوحيد؟

  فلعمري أن ذلك مجز كاف إذا أقام بالسورتين أو الثلاث ما أمره الله به من الصلاة بحدودها، وأدى ما أوجب الله من ركوعها وسجودها، وكان في ذلك موحداً لربه، عارفاً مع ذلك لعدله، مصدقاً لوعده ووعيده، عارفاً بالحق وأهله، تاركاً لمعاصي ربه، مؤدياً لفرائض إلهه، فإذا كان كذلك فهو من المسلمين، وعند الله إن شاء الله من الناجين، ولم تضره عجمة لسانه إذا أقام له قلبه دعائم أديانه.