[سيرة الهادي # أول نزوله صعدة ومحاولة اغتياله]
[سيرة الهادي # أول نزوله صعدة ومحاولة اغتياله]
  وحدثنا محمد بن سعيد اليرسمي(١) وزير الهادي رحمة الله عليه قال: ولما نزل الهادي صعدة كان محله في دار الإمارة، فكان يصلي بالناس الصلوات الخمس بالجماعة لا يقطع ذلك ليلاً ولا نهاراً، ويجلس ما بين الصلاتين، فيعظ الناس ويعلمهم فرائض الدين وفرائض المواريث، ويتحاكمون إليه، ويبين لهم ما يحتاجون إليه، ثم ينهض فيدور في الأسواق والسكك ونحن معه؛ فإذا رأى جداراً مائلاً أمر أهله بالإصلاح له، أو طريقاً وعثاً(٢) أمر بتنقيته، أو خلفاً مظلماً أمر أهله أن يضيئوا فيه بالليل للمار والسالك إلى المساجد، وإن رأى امرأة أمرها بالحجاب، فإن كانت من القواعد أمرها بالسترة، وهو [الذي](٣) أحدث للنساء البراقع باليمن وأمرهن بذلك.
  وكان يقف على كل أهل بضاعة فيأمرهم أن لا يغشوا بضائعهم، ويأمرهم بتنقيتها من الغش وتفصيل ما يبيعون، وإيفاء ما يسمون، فقالوا له: أليس التسعير حراماً؟ فقال: أوليس الغش حراماً؟ والظلم كذلك؟ قالوا: بلى. قال: فإنما نهي عن التسعير على أهل التقى وأهل العفة، فإذا ظهرت الظلامات والنجش(٤) في البيوع والنقص وجب على أولياء الله سبحانه أن ينهوا عن الفساد كله، ويردوا الحق في مواضعه، ويزيحوا الباطل عن مكانه ويأخذوا على يد الظالم عن ظلمه.
  قال: وكان يقف على السجن ثم يدخله ويأمر بتنقيته، ويأمر من كان فيه قارئاً
(١) محمد بن سعيد بن يوسف اليرسمي: ذكر في سيرة الهادي # في عدة مواضع من جملتها أنه من الشهود في الصلح الذي صالح فيه نصارى نجران، وكذلك في وسحة وغيرها.
(٢) الوعِث: الطريق العسر. (معجم وسيط).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في (أ، د): والبخس. ولعله تصحيف والله أعلم.
(*) هو الزيادة لا للشراء.