مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المحكم والمتشابه]

صفحة 83 - الجزء 1

  وعباده خولاً، وماله دولاً، بما يقويهم التجار والحراثون، ثم هم يقولون: إنهم مستضعفون! كأن لم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى فيهم وفيمن اعتل بمثل علتهم؛ إذ يحكي عنهم قولهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ٩٧}⁣[النساء]، وقال سبحانه: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}⁣[النساء: ١٠٠]، يقول: من هاجر من دار الظالمين ولحق بدار الحق والمحقين رزقه الله من الرزق الواسع ما يرغم أنف من ألجأه إلى الخروج من وطنه، و [في⁣(⁣١)] ذلك ما يروى عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $ أنه كان يقول: «يروى أن الله ø يجعل أعوان الظالمين يوم القيامة في سرادق من نار، ويجعل لهم أظافير من حديد يحكون بها أبدانهم حتى تبدوا أفئدتهم فتحترق، فيقولون: يا ربنا ألم نكن نعبدك؟ قال: بلى، ولكنكم كنتم أعواناً للظالمين»، وقال النبي ÷: «ملعون معلون من كثّر سواد ظالم».

  وفي معاداة الظالمين ما يقول الله ø: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَأَئُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}⁣[الممتحنة: ٤]، فباين إبراهيم والذين معه آباءهم وأبناءهم وإخوانهم الذين باينوا الله بالعداوة، وكذلك يجب على كل مؤمن أن يقتدي بفعلهم.

[المحكم والمتشابه]

  قال يحيى بن الحسين ~: اعلم أن القرآن محكم ومتشابه، وتنزيل وتأويل، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، وحلال وحرام، وأمثال وعبر،


(١) زيادة من (ب).