[قيام الحجة على أهل الفترات]
  والحركة زوال من مكان إلى مكان؛ فقد افترى على الله الكذب.
  ومن قال: لا يعلم الشيء حتى يقدره، فإذا قدره علمه، وكذلك من قال: محال أن يعلم الشيء قبل أن يكون.
  وكذلك من زعم أنه على العرش دون السماوات والأرض، وأنه ليس في السماء ولا في الأرض، ولكن علمه في السموات والأرض وفي كل مكان علمه، وفي كل شيء علمه، وعلمه معنا حيثما كنا، وعلمه منا قريب، وهو إلينا أقرب من حبل الوريد، فأما الله فهو منا بعيد، لا أنه في موضع محدود، وليس هو في سائر الخلق موجود.
  وكذلك(١) من زعم أن له وجهاً حاراً، لو كشفه لأحرق ما أدركه بصره، وأن له كفاً محدودة، وأصابع معدودة، وأنامل باردة، وساقاً وقدماً، ولساناً وفماً.
  وكذلك من زعم أن له حداً ومقداراً، وصورة من الصور، وهيئة من الهيئات.
  وكذلك من زعم أن الله تبدو له البدوات، وأنه يريد أن يفعل الشيء ثم لا يفعله، لنية تبدو له فيه، وأنه يخبر أنه سيفعل كذا وكذا ثم يبدو له فيه فلا يفعله -؛ فكل هؤلاء قد قال الكذب، وقال ما لا برهان له به ولا سلطان، فتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
[قيام الحجة على أهل الفترات]
  وندين بأن حجة الله قائمة على أهل الفترات البالغين، الأصحاء السالمين، بفطر عقولهم، وما يجدونه في(٢) أنفسهم، وما يرونه في سموات الله وأرضه، وما يأتي به الليل والنهار من عجائب تدبيره، وما قد ورد عليهم من أخبار الأنبياء المتقدمين، وأخبار كتبهم وشرائعهم وأحكامهم، ودعوتهم القائمة إلى عبادته
(١) في هامش (نخ أ) إشارة نقص: ومن زعم أن لله خنصراً وبنصراً وأنه أخرج بنصره للجبل لما تجلى له ومن زعم.
(٢) في (ب، هـ): من.