الضرب الثاني: الأفعال
  يتعين إلا الأول؛ إذ لم يجعل الثاني إلا عما في ذمته من ضمان الأول، فهو كالمشروط، وإن تلف بتفريطه وجب مثله مطلقاً، وبغير تفريطه - وهو فرض - وَجَبَ الواجبُ الأصلي فقط، والعلة ظاهرة.
  فرع: ولتعلق القربة بنفس الإراقة اشترط اتفاق الشركاء في الافتراض والتنفل، خلافاً لبعض أصحابنا والفقهاء.
  وعلَّله بعض أصحابنا بأنه اختلاط الفرض بالنفل فلا يصح، وهذه العلة ضعيفة، بل العلة هنا أن الذبح فعل واحد، فلم يصح إيقاعه على وجهين، وبهذا يخالف الإعطاء، فإنه أفعال متعلقة بمفعولات متعددة، فصح اجتماع الفرض والنفل في جملته.
  فرع: فإذا اشترك متلحم مفترضاً أو متنفلاً ملك الشريكُ حصَّتَه، وله التصرف فيها بالبيع وغيره قبل أن يغيِّر المتلحم نيته إلى موافقته، وإن أشرك مفترضٌ غَيْرَه صح في القدر الزائد على ما يجزئ، إذا كان بغير عوض، ثم هو موقوف على موافقة الشريك للمفترض، وإلا لم يصح لتعلق القربة الأولى بها، فإن وافقه بعد الملك ثم رجع وقت الذبح كان ضامناً للأصل قيمةَ حصَّتِه فقط؛ إذ المعتبر في الإجزاء الاتفاقُ وَقْتَ الذبح.
  فرع: ولتعلق القربة بنفس الذبح صار فيه شائبةُ عبادة بدنية، فاشترط فيه النية، ولم تصح بالسكين المغصوب على الأصح، ونُدب تولِّيه بنفسه، ولم تصح استنابة الكفار، وإنما صحت استنابة غيره لغلبة المالية، وهي نيابة لا خِلافة، فوجبت النية على الأصل، ولم تؤثر نية النائب، وجازت من غير ضرورة، فلو غاب الشريك أو ارتدَّ كان الآخر خليفة في حصته، فتجب عليه النية عنه تفصيلاً إن علم وإلا فجملة، لا إن تمرد أو أظهر تغيير النية إلى غير موافق، فلا خلافة؛ لإمكان الأصل، ولا نيابة؛ إذ لا استيناب، وكان للآخر مع تمرد شريكه أن يذبح، وهل عليه استئذان الحاكم؟ فيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى. فإن مات الشريك فَوَليُّ ماله يقوم مقامه خِلافةً.