معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 158 - الجزء 1

  مسألة: قد يقع اشتباه في بعض الأفعال أهي فعل قبيح أم ترك واجب؟ فيكون طلبه أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر فيثبت له حكمه، وقد تقدم تفصيل ذلك أول الكتاب.

  فرع: وضابطه: أن ما كان المطلوب فيه تفريغَ الذمة فهو أمرٌ بمعروف، وما كان المطلوب فيه الكفَّ فهو نهي عن منكر، وما اجتمعا فيه ففيه الشائبتان كردِّ الوديعة على ما مر.

الضرب الثاني: الديانة المالية

  وهي ضربان؛ لأن المال إما متعين في نفسه أو غير متعين فذانك بابان:

الأول: باب الخمس

  هو حق متعلق بعينِ ما يُغنم غير داخل في تلك الغنائم، بل كأن أهل الخمس شركاء في الاغتنام الذي هو السبب، كما يشارك فيه⁣(⁣١) الرِّدْءُ، وإنما شُرع توسعة على الإمام وقرابته من بني هاشم؛ إذ هم ولاة الأمر، وهم حفظة الأرواح والأموال، وبهم تتحصل الغنائم، فكان لهم بها خصوصية ليست لغيرهم، حتى كأنهم من الغانمين مع كونهم قد مُنِعوا الزكاة، فكان فيه جبر لما فاتهم، وجُعِلَ فيه سهم ينفقه الإمام فيما هو بصدده من المصالح العامة، وسهم يختص بالإمام؛ إذ هو الذي تحصَّلت به الغنيمة، كما جُعِلَ له كلما أَجْلَى عنه الكفارُ ما لم يُوجَف عليه بخيل ولا ركاب.

  وسهم لسائر الهاشميين، يشترك فيه الغنيُّ والفقير والذكر والأنثى؛ لأن العلة القرابة وهم فيها على سواء، خلافاً للشافعي في تفضيل الذكر على الأنثى، وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وأبناء السبيل منهم وجوباً عند جماعة وندباً عند آخرين، ولما لم تكن القرابة بمجردها في الثلاثة الأصناف الأخيرة هي السبب اشترط فيها الفقر اتفاقاً.


(١) أي: في الاغتنام.