[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
النوع الثالث: وهي حقوق الله التي هي عقوبات
  وهي ضربان: بدنية ومالية:
[الضرب الأول: في العقوبات البدنية]
  الضرب الأول: البدنية وهي قسمان:
[القسم الأول: الحدود]
  القسم الأول: الحدود، ووجه شرعيتها الزجر عن ارتكاب أسبابها.
  فرع: فلكونها حقّاً لله كان استيفاؤها إلى الإمام، وصح دعواها حِسْبَةً، إلا القذف لما فيه من حقِّ الآدميِّ، ولم يصح العفو إلا عنه قبل الترافع، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وقُدِّمت حقوق الآدميين عليها، كما مرَّ أول الكتاب.
  فرع: ولكونه عقوبة فُعِلَ على وجه النكال ولم يجب على المحدود الانقياد فلذلك لم يَحْسُن منه الإقرارُ بموجب الحدِّ، وحسن منه الهرب ودعوى ما يسقطه على وجه لا يكون معه كاذباً بتعريض أو نحوه.
  فرع: ولكونه عقوبة والدار ليست دارَ عقوبة، سقط بالشبهة، وجاز للشاهد الكتمان، بل هو الأولى، وأُكِّدَتْ فيه الحجة فلم يحكم فيه إلا بالبينة أو الإقرار في ملأٍ من الناس مكرراً، وأُلْغِيَتْ فيه الحجة التي هي خَلَفٌ كشهادة النساء والشاهد واليمين وشهادة الأرعياء، ولم يحكم فيه بالنكول ولا بعلم الحاكم، وشرع فيه تلقين ما يسقطه.
  فرع: وفيه من حيث الانتهاء شائبة ديانة؛ ولذلك أقيم على التائب عندنا، ومن ثَمَّ حكم علماء الكلام بالعِوَضِ للمحدود، واللطف في شرعيته حينئذ، وهو مُغْنٍ عن حصول اللطف في الأَلَم نفسه.
  فرع: ووجود الإمام شرط كالجزء من السبب، فلم يجب الحدُّ على من ارتكب موجِبَه في غير وقت إمام، بل اشترط الأكثر أن يكون الإمام الذي يقيمه هو الذي ارتُكِبَ سببه في وقته.
  مسألة: وتفتقر الحدود إلى نية التعيين، وذلك بالإضافة إلى أسبابها كما في قضاء