الضرب الثاني: الأفعال
  اتفاقاً؛ لاستقلال أول الكلام، فآخره(١) رجوع عنه.
  مسألة: فإن علَّق الحكم بما هو من فروعه كقوله لأمته: إن تزوجتك فأنت حرة، ولزوجته: إن تزوجتِ فلاناً، أو انقضت عدَّتُكِ فأنتِ طالق، فلا شبهة في بطلانه؛ إذ هو كتعليق الشيء بنفسه، وكذا لو قدَّم المشروط على الشرط نحو: إن تزوجتُكِ غداً فأنتِ حرَّة الآن؛ لذلك أيضاً، وكذا لو جعله توقيتاً نحو: أنتِ حرَّة قبل زواجتي إياك غداً.
  فإن قيل: إذا أنجز عتقها غداً ثم تزوجها، انكشف حُرِّيَّتُها في(٢) اليوم الأول، فيثبت له حكم الحرية.
  قلنا: لو ثبت حرِّيتها من اليوم الأول بطل عتقها في غد، فيبطل نكاحها المترتب عليه.
  فرع: فإن جعل الشرط حالياً وهو علم الله نحو: إن كان في علم الله أني إذا أعتقتكِ تزوجتكِ فأنتِ حرة لم يصح أيضاً؛ لأن المانع ليس تقدُّمَ المشروط على الشرط فيكونَ ذلك معيناً بل تعليق الشيء بنفسه حكماً وهو باقٍ؛ لأن علم الله تعالى ملازم لمعلومه، فالتعليق والتوقيت بأحدهما تعليق وتوقيت بالآخر.
  فرع: فإن علق الحكم بنفي لازمه نحو: إن لم تَصِرْ حراً غداً فأنت حر الآن، ففيه القولان السابقان في تقديم المشروط على الشرط، أقواهما اعتباراً(٣) التعليق وإلغاء التقدم كما مر، وإن جعل توقيتاً لم يصح؛ للتنافي.
  فرع: وإن علق الحكم بحكم آخر ينافيه ويمانعه في الوجود، فإن لم يكن تقدم المشروط على الشرط، لم يصح؛ للتنافي نحو: إن خرجت عن ملكي فأنتَ حرٌّ.
  وإن كان فيه تقديم المشروط نحو: إن أخرجتك عن ملكي فأنت حر قبله، وإن وقع عليك مني طلاق فأنت طالق قبله ثلاثاً، وإن خرج هذا المبيع عن
(١) في (ب، ج): «وآخره».
(٢) في (ب، ج): من.
(٣) في (ب، ج): «اعتبارُ التعليق».