معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 382 - الجزء 1

  مغلوباً كالقذف والنكاح، إذ قد علم أن حق الله في النكاح غالب في ابتدائه مغلوب في انتهائه.

  فرع: ولما كان الموجب لصحة الإقرار كونه مبيِّناً⁣(⁣١) لحق الغير كان تكذيب المقَر له للمقِر مبطلاً له؛ إذ هو إقرار منه بنفي ذلك الحق، وهذا حيث كان ذلك الحق من محض حقوق الآدميين أو غالبها لا المغلوب كالإقرار بالعتق والطلاق البائن والرضاع وانفساخ النكاح.

  فرع: فإذا أقر ببنوَّة عبده الممكنة عقلاً وكذَّبَه، ثبت العتق لا البنوَّة، وإن أقرَّ ببنوة زوجته المجهولة فردته ثبتت البينونة لا النسب، وكذا لو كان نسبها⁣(⁣٢) معلوماً على ما مر.

  فرع: فإن رجع المقَر له عن التكذيب كان كرجوع المقِر يصح فيما لم يكن حق الله فيه غالب، فإذا أقر أنه مملوك لغيره، أو أقرَّت أنها زوجة فأكذبها المقَر له، لم يكن له الرجوع عن التكذيب؛ إذ هو إقرار بالحرية والبينونة وحق الله فيهما غالب كما عُرِفَ.

  فرع: ولكونه خبراً صح بالمجهول جهالة كلية فيرجع إليه في التفسير، ولم يصح تعليقه بشرط لأن الخبر يفتقر إلى إرادة المخبِر عنه، ولا يصح تعليق الإرادة بشرط، كما تقدم في أول الكتاب، فلا يصح إذا جاء زيد فعندي له وديعة أو دَيْنٌ، إلا إذا علَّق بوقت يصح أجلاً لذلك المقَر به فيكون التعليق للمخبَر عنه لا للخبر نحو: إذا جاء رأس الشهر الفلاني فعليَّ له قيمة كذا ثمن مبيع أو نحوه، لا قيمة متلف أو نحوه، وكذا التوقيت بالزمن المستقبل لا على سبيل الشرط فهو على التفصيل المذكور.

  فرع: فإن كان الشرط ماضياً أو حالياً فقد منعه بعض أصحابنا للعلة المذكورة، ومفهوم كلام الأكثر جوازه حملاً له على جعل التقييد للمخبَر عنه لا


(١) في (ب، ج): «مثبتًا».

(٢) في (ب، ج): «نسبهما».