معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 384 - الجزء 1

  الإقرار على ما سيأتي. والحدُّ لا يثبت بالحجة التي هي بَدَلٌ على ما مر إلا نكول الزوجة في اللعان فإنه موجب للحدِّ عليها؛ لأنه بعد أيمان الزوج وهي قائمة مقام شهادته، ولذلك جعلت أربعاً، فأيمانها دافعة لما قد وُجِدَ سببُه، وعند عدم الدافع يوجد الحكم كما أشار إليه الشارع⁣(⁣١).

فصل: [الحكاية]

  ومن هذا النوع الحكاية فهي خبرٌ محض مخبره قول آخر وهو المحكي، وقد يكون مفرداً أو⁣(⁣٢) جملة إنشائية وخبرية صدقاً وكذباً، والحكاية جملة خبرية ليس إلا ... ، وصدقها وكذبها باعتبارها في نفسها لا باعتبار المحكي، وقد تكون الحكاية مقصودة من الكلام، وقد تكون في ضمن كلام آخر خبراً أو إنشاء من طلب أو غيره كما مر في الإقرار سواء.

  فرع: فتالي القرآن مخبِر في المعنى؛ لأنه حاكٍ إلا أن جملة الحكاية التي هي الخبر⁣(⁣٣) محذوفة مرادة للعلم بها، واللاحن فيه كاذبٌ، وكذا الجامع بين لفظتين متباينتين على وجه الاتِّساق والانضمام⁣(⁣٤) كلاماً واحداً وكذا الزيادة في حروف الكلمة والنقصان منها.

  فرع: فإذا تردد التالي بين صفتين بكلمة فنطق بها مرتين احتياطاً، أثبتنا⁣(⁣٥) صحة ذلك على صحة الخبر المشروط، والصحيح أنه لا يصح كما تقدم.

  وعلى القولين معاً فلا كذب، لكن على القول بالصحة يكون تالياً لتلك الكلمة، وعلى القول الآخر يكون مسقطاً لها، فيحصل الجمع بين كلمتين متباينتين حيث توسطت لكن لا على الاتساق، فلا حرج فيه.


(١) من مفهوم قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ...} الآية [النور: ٨].

(٢) في (ج): «وجملة».

(٣) في (ب، ج): «الخبرية».

(٤) في (ج): «الانتظام».

(٥) في (ج): «انبنى».