[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  فرع: ولكون الحكاية خبراً اشترط فيها القصد؛ إذ لا يكون الخبر خبراً إلا بالإرادة، ولذلك تفسد صلاة المخاطِب بالقرآن؛ لمصيره من كلام الناس بالقصد، وجاز للجنب البسملة والحمدلة ونحوها من ألفاظ القرآن حيث لم يقصده.
  وإذا كرر التالي البسملة قاصداً كونها من سُوَرٍ متعددة كانت آياتٍ لا آية واحدة.
  فإن قيل: إذا تلى المصلي مع السهو يلزم أن لا تصح صلاته؛ لعدم القصد.
  قلنا: قد تقدم في باب الصلاة أن النية في أول الصلاة مُغْنِيَة عن تجديد النية في جميع الأفعال والأقوال.
  فرع: قد علم أنه يشترط في الحكاية كمال لفظ المحكي وهذا هو الأصل، وقد تكون الحكاية لمعنى المحكي دون لفظه وتسمى تعبيراً(١)، وأقاصيصُ القرآن كلها من هذا القبيل، وإنما تجوز لمن أحاط بالمعنى وفيما لم يكن اللفظ فيه مقصوداً كالقرآن.
النوع الثاني: الشهادة
  إذ هي إنشاء مشتمل على إخبار وهو المشهود به وهو المقصود، وإنما جيء بذلك الإنشاء تأكيداً له.
  فرع: ولكون الإخبار هو المقصود كانت جنبة الإخبار غالبة، فكانت الشهادة إقراراً، واشترط كون للخبر [عنه](٢) مخبر عنه في نفس الأمر فبطلت الشهادة بالهزل وبعلم الكذب، وأبطلها دخول الشرط كما مر في الإقرار، ولكون الصدر إنشاء محضاً اشترط فيه لفظ مخصوص وهو لفظ الشهادة بالمضارع الحالي.
  فرع: ولكون الشهادة شرعت حجة للمدعي على ما سيأتي كان فيها إلزام للغير، فَحُرِّحَ فيها بالعدد وتحقيقِ العدالة وخلوِّها من مظنة الكذب كشدَّة
(١) في (ج): «تغييرًا».
(٢) ساقط من (ج).