الضرب الثاني: الأفعال
  وقال غيره: لا بد أن يتفق لفظهما بالأقل؛ لأنه شرع التعدد تأكيداً للحجة فلا بد أن يتفق اللفظان ليصيرا كلفظ واحد.
  فرع: ولكونها إلزاماً للغير كان شاهد الزور جانياً بشهادته فيضمن حيث رجع إذ رجوعه إقرار بتعديه، ثم لهذه الجناية عندنا حكم العمد حيث أقرَّ بالتعمد، فيجب القصاص، ويتعدد بتعدد الشهود على الأصح؛ لأن الحاكم بإيجابهم الحكمَ عليه والمدعي بإيجابهم الاستيفاءَ(١) له صار لهم كالآلة.
  وتحقيق ذلك: أن المباشِر حقيقة في قتل القصاص هو وكيل ولي الدم حيث كان له وكيل ثم وليِّ الدم ثم الحاكم ثم الشهود، فإن رجع الشهود فقط فالضمان عليهم لما ذكرنا، وإن رجع معهم الحاكم بأن أقرَّ أنه حكم لا عن مُوجِبٍ، فالضمان عليه وحده؛ إذ لم يستند حكْمُه إلى شهادتهم، وإن رجع معهم وليُّ الدم بأن أقر أنه قَتَلَ وهو عالم ببطلان الحكم فالضمان عليه وحده؛ إذ لم يستند فعله إلى إباحة الحاكم، وإن رجع معهم وكيل الولي بأن أقر أنه فعل وهو عالم ببطلان الوكالة لبطلان الحكم، فالضمان عليه وحده.
  وقد علم أن المسائل الممكنة في هذا خمس عشرة مسألة؛ لأن في رجوع الأفراد أربعاً، وفي رجوع اثنين منهم ستاً وفي رجوع ثلاثة منهم أربعاً و في رجوع الجميع منهم واحدة، وأحكامها ظاهرة مما ذكرنا.
  فرع: وقد علم مما ذكرنا أن المزكي لا يضمن شيئاً؛ إذ الحكم لا يستند إليه وإن توقَّف عليه فهو شرط في صحة العلة لا جزء منها، بخلاف شهود الإحصان فإنهم جزء العلة فيضمنون حيث رجعوا هم وشهود الزنا ثلاثاً(٢)، وإن رجعوا وحدهم ضمنوا الجميع على الأصح، كما إذا رجع شهود الزنا وحدهم لانخرام العلة الموجبة لحكم الحاكم يرجع(٣) كل من الفريقين.
(١) في (ج): «الاشتفاء».
(٢) في (ج): «ثُلُثًا».
(٣) في (ب، ج): «برجوع».