معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 389 - الجزء 1

  ضمنا، وإن رجعوا كلهم ضمن الفرعان فقط، وأنه لا يضمن [إلا]⁣(⁣١) إذا أقر بعد الحكم أنه مجروح، أو قال: الحكم غير صحيح.

  فرع: واعلم أن المضمون هو ما لزم المشهود عليه من غرم أو قيمة ما فات عليه من حق متقوم، فإذا شهدا بوقوع البيع ثم رجعا ضمنا للبائع نقصان الثمن عن القيمة إن كان المشتري هو المدعي، والعكس للمشتري إن كان المدعي هو البائع.

  وإذا شهدا ببراء من الشفعة أو خيار أو ضمانة أو قصاص ثم رجعا فلا ضمان؛ إذ لا قيمة لهذه الحقوق، وإن شهدا باستحقاق هذه الحقوق ضمنا زائد القيمة في الأولين، وما غرم الضامن في الثالث، واقتص منهما في الرابع.

  فرع: وإن شهدا باستحقاق عمل أو منفعة مدة معلومة بأجرة أو وصية أو غيرهما أو حق استغلال شجرة أو بقرة أو أرض باستثناء من بيع أو نحوه ثم رجعا، ضمنا في الأولين أجرة المثل، وفي الآخر ما بين القيمتين، والمعتبر في التقويم وقت الحكم؛ لأنه وقت الاستهلاك.

  وقيل: بل يضمنان قيمة تلك المنافع المتجددة كل شيء في وقته وقيمة تلك الغلال أو مثل المثلي منها؛ لأنها هي المستهلكة، والمعتمد هو الأول؛ لأن المتلَفَ بالشهادة هو الحق المتعلق بالعين الذي هو سبب استحقاق الغلة، ولذلك لو شهدا باستحقاق عين ثم رجعا ضمنا قيمة العين لا قيمة منافعها في المستقبل.

  فرع: فإذا شهدا بإجارة عينٍ ثم أعارها المستأجر المالك ورجعا ضمنا على القول الأول دون الثاني.

  فرع: فإن شهدا باستحقاق استطراق أو مسيل أو وضع خشب أو بسقوطها ثم رجعا فكذلك أيضاً.

  فإن قيل: أليس هذه الحقوق مما لا يصح أخذ العوض عليه؟ كما تقدم في البيع وغيره.


(١) ساقط من (أ).