الضرب الثاني: الأفعال
  ذكرنا في الصلاة في ثوبٍ ظنَّهُ مغصوباً والتوضؤ بماءٍ كذلك فانكشف حلالاً عند أهل الحقيقة.
  فرع: وإذا سبقَ المؤتمُ برفع رأسه من الركوع أو السجود فقد عصى بنفس الرفع فقيل: تفسد الصلاة لذلك، والصحيح خلافه؛ إما لأنَّ الرفع ليس جزءاً منها بل إنما وَجَبَ وسيلةً إلى السجود ونحوه الذي هو جزء كما نبَّهَ عليه الشارع فيكون معصية في أثناء الصلاة [و](١) لا يفسدها، وإما لانفصال المعصية عن الطاعة كما في جمع التقديم على الأصح من غير فرق.
  فرع: فإن توضأ بما ظنَّهُ حلالاً أو صلى في ثوبٍ أو مكانٍ كذلك فانكشف خلافُهُ فلا معصية قطعاً، فقيل: يجزئ لذلك.
  وقيل: لا؛ إذ هو قبيح في نفسه وهو بناءٌ على أنه لا يُشترط في قُبْحِ الفعل العلمُ بوجهه كما تقدم الإشارة إليه في أول الكتاب وهو قول أهل الحقيقة.
  فرع: فأما من وقف أو طاف على جَمَلٍ مغصوبٍ فقد صححه أصحابنا، وهو بناءٌ على انفصال الطاعة عن المعصية، أو على أنه مخصوص بأعمال الحجِّ كما صَححوا طوافَه ووقوفَه وهو مطالبٌ بالدَّيْن أو ردِّ الوديعة أو مُشَاهِدٌ لمنكرٍ يقدر على إزالته، وهو من قبيل تخصيص العلَّة؛ لخروج كثير من مسائل الحج عن القياس كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  مسألة: وإن شرَّكَ في نيَّة العبادة غيرَها فإن كان معصيةً بطلت كما تقدم، وإن كان مباحاً أفسد الصلاة كتعليم الغير؛ إذ هي تفسد بالأفعال التي ليست منها، بخلاف غيرها من سائر العبادات.
  فرع: فلا يفسد الأذانُ بتشريك التعليم، ولا الوضوء بتشريك التبرُّدِ أو إزالةِ الدَّرَنِ أو النجاسة، ولا الحجُّ بالابتغاء من فضل الله، ولا الصومُ بصَوْنِ الجسمِ
(١) ساقط من (ب، ج).