معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 77 - الجزء 1

  فرع: فإذا تلف النصاب أو بعضه بغير تعدٍّ ولا تفريط سقط حصته من الزكاة، وفيه دليل على تعلقها بكل جزء كالشِّركة في الأملاك؛ فيضمن من قبض شيئاً من النصاب حِصَّتَه، ويتعدد⁣(⁣١) بتعدد القابضين كما سيأتي.

  فرع: ولما كان الحقُّ في الضرب الثاني متعلقاً بالعين، لم يَجُزْ إخراجُ قيمتِها عنها، وجوَّزه أبو حنيفة وبعض أصحابنا، محجتين بأن الغرض الراجع إلى المالك هو الامتحان على ما مر، والراجعَ إلى المصرف هو الانتفاع، والعينُ وقيمتُها سيَّان في ذلك؛ ولهذا يوافقون في الهدي والأضحية المعيَّنين؛ لأن المقصود فيهما عبادة متعلِّقةٌ بالعين وهي إراقة الدم.

  مسألة: من الأحكام العامَّة لحقوق الله تكرُّرُ ضمانها كالجزاء وقيمة صيد الحرم وكفارة القتل وكما إذا تُنُوسِخَتْ المظلمة.

  وَوَجْهُ التعدُّد تعلُّقُ القُرْبة بما في الذمة؛ فلا يسقط بعد ثبوته، ومع بقاء العين تَعَلَّقُ القُرْبة بها لا بشيء في الذمة، فإذا دفعها مَنْ هي في يده سقط الضمان عن باقيهم.

  وقيل: بل تجب عليهم القيمة لتعذر العين فلا يسقط حق الله من الذمة إلا بالبدل. وقيل: إلا إذا اجتمعوا في دفع العين وهو القياس.

  مسألة: وبعد توجُّهِ حقوق الله العبادة البدنية وغيرها على العبد لا تبرأ ذمته إلا بيقينِ تسليمِها قطعيةً كانت أو ظنيةً كالوضوء من القيء وسيلانِ الدم وكصلاة العيد والأذان والإقامة والزكاة الْمُخْتَلَفِ في وجوبها حيث كان مذهب المكلف وجوبَ هذه المذكورات؛ فلا يكفي الظنُّ في جملتها.

  فرع: من ترك إحدى الخمس عمداً والتبست وَجَبَ عليه الخمس كلها أو ثلاث منها على الخلاف، ولا يخرج عن عهدة القضاء إلا بيقين فِعْلِهِ وإن كان القضاء ظنياً.


(١) أي: الضمان.