الضرب الثاني: الأفعال
  ومَنِ التبس عليه ما نذر به من صيامٍ أو صلاةٍ أو صدقةٍ وَجَبَتْ عليه الثلاث كلها، ومَنِ التبس عليه موضع النجاسة من بدنه في مكانين وجب غسلهما معاً، ولا يجوز له التحري في هذه وأمثالها والعمل بالظن.
  لا يقال: إذا فعل أحد الملتبسين صار الآخر مشكوكاً فيه، والأصل براءة الذمة، كما ذكره الشافعي في موضعي النجاسة؛ لأنا نقول: بعد تيقُّن النجاسة [ونحوها(١)] يصير ذهابها بغسل أحد الموضعين مظنوناً فقط أو مشكوكاً كما هو مذهب الشافعي، ولا يرتفع اليقين بالظن أو الشكِّ.
  فإن قيل: معلومٌ أن اليقين لا يصاحب الظنَّ والشكَّ فقد ارتفع بهما.
  قلنا: [المراد](٢) حكمه الذي يجب استصحابه كما في ابتداء سائر الأحكام والشرائع؛ ولذلك لم ينسخ القطعيُّ بالظنيِّ اتفاقاً.
  فرع: وقد رُخِّصَ في الأبعاض الظنيَّة فاكْتُفِيَ فيها بالظنِّ لكثرة عروض الشكِّ فيها مع كون الأصل عدمَ تركها لأن الأصل في المركب عدم النقصان، وكذا أبعاض الأبعاض القطعية لكثرة عروض الشكِّ فيها كالسجدة والقراءة والركوع والشوط في الطواف.
  قيل: وكذا في الأبعاض القطعية كالركعة ونحوها للعلَّة المذكورة. وقيل: لا.
  فرع: وإنما يجب(٣) حيث يمكن إما لوقوع(٤) الالتباس في غير محصور جاز العمل بالظنِّ على وجه الخلفيَّة لتعذر اليقين، كأن يجهل كميَّة الفوائت أو يلتبس المتنجسُ والمنذورُ بما لا ينحصر، وكذا إذا التبس آنيةُ الطاهر بالمتنجس حيث لا غيرها يتيقن طهارته، لكن بشرط أن تزيد آنية الطاهر، وإلا لكان التعارض بين الوجوب والحظر وقد مَرَّ أنه يقدم الحظر.
(١) ساقط من (ج).
(٢) ساقط من (ب، ج).
(٣) «أي: فعل ما يحصل به اليقين، والله أعلم». حاشية في (ب، ج).
(٤) في (ج): لو وقع.