الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: فأما التباس الثياب الطاهرة بالمتنجسة والآنية غير الْمُسْتَعْمَلة بالمستعملة فيجب استعمال الجميع؛ لإمكان اليقين، وأما الحلال بالمغصوب والطاهر بنجس الذات فيجب ترك الجميع عملاً بقاعدة تعارض الحَسَنِ والقبيح المتقدمة.
  وإنما تُرِكَتْ في المتنجس لكونه أخف حكماً؛ ولأن الأصل في الماء الطهارة، فإذا استعمل أحدها بعد التحري فقد اسْتَعْمَلَ ماءً أصلُه الطهارةُ، والنجاسةُ فيه مشكوكةٌ، وقد ضَعُفَتِ المعارضةُ بزيادة آنية الطاهر.
  فرع: ومن هاهنا لم يعمل بالظنِّ في انتقال الشيء عن حكمه الأصلي وإلا كان رفعاً للحكم بمجرد الرأي وإن وجب العمل به في جنبة الحظر؛ إذ لا يجوز للمكلف الإقدام على ما يظنُّ تحريمه، كما أشار إليه الشارع بقوله ÷: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(١).
  فرع: فالمحافظة على هاتين القاعدتين إذا ظنَّ الصائمُ طلوعَ الفجرِ حَرُمَ عليه الأكل، فإن أكل أثم، وإن لم يَفْسد صومه؛ إذ الأصل بقاء الليل، وإذا ظنَّ هذا الشيء لغيره ثم استهلكه أثم ولا ضمان عليه؛ لأن الأصل براءة الذمة، وإذا استعار دابَّةَ غيره ثم ظنَّ ارتفاع الإباحة حَرُمَ عليه الاستعمالُ ولا أجرةَ إن فعل، وإذا طلَّق إحدى نسائه ثم التبست ثم ظنَّها إحداهنَّ فوطئها أَثِمَ ولا حدَّ ولا تَجَدُّدَ مهرٍ حتى يطأ الجميع؛ فيجب عليه الحدُّ ومهرُ واحدةٍ(٢)، وإذا ظنَّ حصولَ شرطِ عِتْقِ عبدِه حَرُمَ عليه استخدامُهُ، فإن فعل أَثِمَ ولا أجرةَ ونحو ذلك.
(١) هو جزء من حديث الحسن بن علي @ أخرجه أبو داود (١٤٢٥)، والترمذي (٤٦٤)، والنسائي (١٧٤٥)، ومروي أيضاً عن واثلة بن الأسقع أخرجه الهيمثي في مجمع الزوائد، وأخرجه أيضاً عن وابصة بن معبد (٢٤٣/ ١)، وعن أنس أخرجه ابن عدي في الكامل (٣٣٤/ ١)، وأحمد في المسند (٢٠/ ١٢)، وعن ابن عمر أبو نعيم في حلية الأولياء (٣٨٩/ ٦)، والخطيب في تاريخ بغداد (٣٨٧/ ٢).
(٢) «هذا مبني على أنه قد أوقع على إحداهن طلقتين أو لم يكن قد دخل بها، والله أعلم». حاشية في (أ).