معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 80 - الجزء 1

  فرع: فأما إذا ظنَّ نجاسةَ ماءِ الوضوء وثوبِ الصلاة أو غصبَهما فإنه يحرم عليه الاستعمال وتحريم⁣(⁣١) لبس الثوب المتنجس في الصلاة إذا أراد بلبسه للصلاة الشرعية فاعرف ذلك.

  وتجب الإعادة؛ لأنه أطاع بنفس المعصية ولا يجب ضمانٌ؛ لأن الأصل براءة الذمة، فإن انكشف الطهارةُ والحلُّ جاء فيه القولان السابقان، وتجب الإعادة حيث استمر الالتباس على القولين معاً.

  فرع: فعلم أنه لا يجوز لك العملُ بالظنِّ في أن الذي في يَدِ زيدٍ لك أو أنه قد نقله إليك أو قد أبرأك من الدَّيْن؛ لأن ذلك انتقالٌ عن الحكم الأصلي.

  فإن قيل: أليس مما اتفق عليه جواز الانتفاع بحقِّ الغير بل استهلاكه بظنِّ رضاه؟

  قلنا: حكم الأصل إمَّا الملكُ وهو باقٍ أو الحرمة وهي مشروطة بعدم ظنِّ الرضا فلم يكن الظنُّ رافعاً لحكم الأصل.

  فإن قيل: فقد قال بعض أصحابنا: لا حدَّ لغسل النجاسة إلا ظنُّ زوالها فقد جُعِلَ الظنُّ رافعاً لحكم الأصل.

  قلنا: لا يرتفع يقينُ النجاسة إلا بيقين الطهارة، وهي منتفيةٌ عند ظنِّ الزوال؛ إذ ذلك الظنُّ طريقٌ شرعيٌّ كما أن الظنَّ الحاصل من الشهادة طريق إلى إثبات الحقوق والحدود وترتفع به البراءة الأصلية. أو يقال: إنما عُمِلَ بالظنِّ لتعذر اليقين وقد تقدم أنه يجب العمل به على وجه الخلفية.

  مسألة: ومصارف حقوق الله الماليَّة هي المصالحُ العامة، إما عموماً كالخراج والجزية وما يُؤْخَذُ من تُجَّارِ الكفار والمظلمة، وإما خصوصاً كالزكاة والخمس والكفارات، وإلى الإمام ولايةُ صرفِها في تلك المصارف من غير تغييرٍ لما عَيَّنَهُ الشارع.


(١) في (ب، ج): «ويحرم».