[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
البحث الثالث: في ذكر أبوابها باباً باباً
  ولنبتدئ بذكر الطهارات وإن كان فيها ما هو دَيانةٌ محضةٌ لابتناء العبادة عليها.
[العبادات البدنية]
باب التطهر من النجاسة
  هو ديانةٌ محضةٌ لا عبادة فيه، ولذلك لم يحتج إلى نيَّة، وصح وإن صَاحَبَهُ وجْهُ قبحٍ كالماء(١) المغصوب والثوب المغصوب، وصحت فيه الاستنابةُ ولو لكافر كما مرَّ، وهذه خواص الدَّيانة، وعكسُها خواص العبادة.
  مسألة: وطهارة الشيء أمرٌ عدميٌّ ولذلك كانت الأصلَ في كل شيء، والنجاسة أمرٌ وجوديٌّ طارئٌ عليها.
  فرع: فإذا أخبر عدل عن طهارة شيء وآخر عن نجاسته عُمِل بخبر النجاسة؛ إذ هو ناقِلٌ إلا أن يضيف ذو الطهارة إلى تطهير لم يعلم تقدمه عن النجاسة فإنه يحكم بالطهارة مطلقاً.
  فرع: ولما كانت الطهارة عدمَ النجاسة قالت الحنفية وبعض أصحابنا: ليست حكماً شرعياً بل هي زوالُ النجاسة بأيِّ شيء من المائعات القوالع كالخَلِّ وماء الورد و [الماء](٢) المتغير بطاهر والمستعمل على القول بطهارته.
  ومذهبنا والشافعية: أنها حكم شرعي فتعين فيها الماء القَراح؛ لأنها مقابِلة للنجاسة وهي حكم شرعي، فيجب كونها كذلك فيقتصر منها على ما ورد به الشرع وهو الماء؛ لعدم الدليل في غيره وقياساً على الطهارة من الحدث، وأيضاً غير الماء يحمل الخبث باتفاق فيتنجس بملاقاته محل النجاسة فكيف يَطْهُرُ به؟!
  فإن قالوا: كذلك الماء القليل الوارد على محل النجاسة لكن قد عُفِيَ عنه
(١) في (ج): «كبالماء».
(٢) زيادة في (ب).