معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 109 - الجزء 1

[عيد الفطر]

  وأصل شرعية عيد الفطر أن العباد لما أكملوا عدة شهر رمضان صابرين على القيام بحقه حابسين أنفسهم على مشقة الجوع والظمأ امتثالاً لأمر الله وابتغاء لرضوانه، أكرمهم الله بذلك اليوم، وحَتَمَ عليهم الإفطار، وأمرهم بتناول الطيبات، والتوسعة على أنفسهم وعلى من يمونون وعلى الذين لا يجدون وهم الفقراء بما شرع فيه من الفطرة مواساة لهم؛ ليعُمَّ التنعم، كما نبه عليه الشارع⁣(⁣١).

  ثم شرع لهم تلك الصلاة إظهاراً لجلال الله وكبريائه وشكراً له على ما أعانهم عليه من قضاء حقِّ ذلك الشهر الكريم، طالبين منه أن يلقاه⁣(⁣٢) منهم بالقبول، ويضاعف لهم به الأجور.

[عيد الأضحى]

  وأما عيد عرفة فلما كان الحجيج أضيافَ الله ووفودَ فِنائه حيث نزلوا تلك المواقف الشريفة التي هي ساحة بيته وفِناء حرمه، أكرمهم الله بتلك الأيام، وحتم عليهم فيها الإفطار وإراقة دماء الأضاحي إتحافاً لهم وتعظيماً⁣(⁣٣) لِمقْدمهم وقضاء لحقِّ إضافتهم، ثم عمَّمَ بتلك الكرامة من خَلَفهم [في سائر النواحي⁣(⁣٤)] من سائر المؤمنين؛ إذ هم الجميع إخوان متناصحون يَسُرُّ كل واحد منهم ما يَسُر الآخر، وشرع لهم تلك الصلاة إظهاراً لكبرياء الله وشكراً له كما تقدم، وكان النحر في الثلاثة الأيام تنبيهاً على أن الضيافات⁣(⁣٥) ثلاث كما أشار إليه⁣(⁣٦).


(١) بمثل قوله ÷: «أغنوهم في هذا اليوم». وفي رواية: «عن الطوف»، وفي أخرى: «عن السؤال»، وكلها من رواية ابن عمر أخرجه عنه ابن عدي في الكامل، والزيلعي في نصب الراية (٤٣٢/ ٢)، ورواه في الشفاء للأمير الحسين.

(٢) في (ب، ج): «يتلقاه».

(٣) في (ب، ج): إعظاماً.

(٤) زيادة في (ج).

(٥) في (ب، ج): الضيافة.

(٦) في (ب): الشارع.

(*) بنحو ما أخرجه أبو داود (٣٧٤٩)، وأحمد في المسند (٨٦٣٠) عن أبي هريرة قال: قال رسول =