معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 112 - الجزء 1

  فرع: ويعلم أن الرخصة في قصر الصلاة مَجَازِيَّة؛ إذ قد صارت عزيمةً، وليس نسخاً لشرعية الرباعية عندنا بل بقاء على الأصل كما روي عن عائشة⁣(⁣١).

  وقد ذهب بعض أصحابنا والشافعي إلى حقيقة الرخصة في القصر عملاً بظاهر الآية الكريمة، ونحن نحملها على قصر الصفة⁣(⁣٢) بدليل الآية التي عقيبها.

باب صلاة النافلة

  هي ضربان: ضرب شرعي⁣(⁣٣) لسبب خاص، وضرب لغير سبب.

  فالأول كصلاة الكسوف والاستسقاء ونحوهما.

فصل: [في صلاة الكسوف]

  إنما أُمرنا بصلاة الكسوف عند حدوث ذلك الأمر المفزع فزعاً إلى الله تعالى وتقوية للوصلة بيننا وبينه، وحذراً من أن يكون ذلك غضباً منه علينا؛ ولذلك كُرِهَ النوم والانصراف عن ذكر الله حتى يزول ذلك الأمر المفزع بالانجلاء أو الغيبوبة.

  فرع: وهذا أمرٌ معقول فيقاس عليه سائر الأفزاع التي من جهة الله فتكون الصلاة مشروعةً عند حدوثها.

  ويعلم مما ذكرنا فوتها عند زوال سببها، وعدم شرعية قضائها ولو أوجبها العبد على نفسه بعدم⁣(⁣٤) حصول سببها أو قبله معلقاً به كما تقدم في صلاة العيد.

فصل: [في صلاة الاستسقاء والاستخارة]

  وإنما شُرعت صلاة الاستسقاء عند شدة الجدب التجاء إلى الله وإظهاراً للحاجة إليه واعترافاً بأنه لا كاشف للضراء غيره.

  فرع: ولذلك شرع فيها ما يوجب عطفه علينا ورحمته بضعفنا من البروز إلى


(١) عن عائشة قالت: «فرضت الصلاة على النبي ÷ بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعاً وأقرت صلاة السفر ركعتين» أخرجه البخاري (٣٥٠)، ومسلم (٦٨٥)، وأبو داود (١١٩٨)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٧٦٥)، وكلها بألفاظ متقاربة واختلاف يسير.

(٢) لا على قصر العدد.

(٣) في (ج): شُرع.

(٤) في (ج): «عند».