[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  أسبابها وغيرها في سائر الأوقات إلا أوقات الكراهة الثلاثة للنهي الموجب للفساد كما تقدم.
باب صلاة الجنازة
  هي عبادة مشوبة بحقِّ آدميٍّ؛ إذ فيها حقٌّ للميِّت، فلكونها عبادة كسائر الصلوات شُرط فيها ما شُرط في سائر الصلوات من طهارة واستقبال وغيرهما، ولكون فيها حقّاً للميت شُرع فيها الدعاء له إجماعاً بل قال بعض أصحابنا: لا مشروع فيها من الأذكار غيره.
  وقال بعض العلماء: [هي](١) دعاء محض وليست بصلاة فلا يشترط فيها الطهارة.
  فرع: ووجه شرعيتها أن الميت لما كان بخروجه من الدنيا قادماً إلى ربِّه، ومناجاة ملائكته شرع غسله، وتطييبه وسترُ جميع جسده كما تقدم في شرعية التطهر، ولما كان بالنسبة إلينا كالمرتحل يريد سفراً بعيداً(٢) وغيبةً طويلة، قادماً على مالكٍ له عظيم الملك؛ ليحاسبه على دقائق أعماله وجلائلها، وهي مسطورة عنده في صحف محفوظة، عليها شهادة ملائكته الكرام البررة - كان حقّاً على إخوانه في الله أن يشيعوه ويودعوه، داعيين له بالسلامة من هول ما يقدم عليه، متشفعين له وهو بين أيديهم إلى ذلك الملك أن يتجاوز عنه، ويُسَهِّلَ حسابه، فشرعت تلك الصلاة لتكون الشفاعة والدعاء في أثنائها فيكون أقرب إلى القبول؛ لقرب العبد من ربه حال صلاته.
  فرع: فلما كانت الصلاة غير مقصودة في نفسها اكتُفِيَ بأول أركانها وهو القيام، وجعلت التكبيرات بدلاً من الركعات؛ ليكمل فيها أجزاء الصلاة حكماً، وكانت أربعاً بعد تكبيرة الإحرام؛ إذ الرباعية أكثر الصلوات، واستفتِحت
(١) ساقط من (أ).
(٢) في (ب، ج): «بريدًا».