[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  ولما كانت في مقابلة ترك واجب كان سببها معصية أو شبيهاً بها؛ فلذلك كان فيها الشائبتان كسائر الكفارات، ولكونها وسائر الكفارات تطهرة وغسالة لذنب المكفر حرمت على من حرمت عليه الزكاة، بل هي أشد في التحريم إلا العتق كما تقدم، والكلام في الولاية عليها كما مر في كفارة اليمين.
فصل: [في كفارة الصلاة]
  وأما كفارة الصلاة فقد أُثْبِتَتْ قياساً على كفارة الصوم، بجامع كونهما عبادتين بدنيتين، فتكون في وظيفة اليوم من الصلاة، مثل ما في وظيفة اليوم من الصوم وهو نصف صاع عند الأكثر أَخْذاً من السُّنة، ثم قيل: إن هذا القياس مُثْمِرٌ للوجوب، وقيل: للندب فقط؛ لضعفه إذ لا تعقل العلة على الكمال في الأصل.
فصل: [في دماء الحج وصدقاته]
  ومن حقوق الله التي هي عبادة مالية دماء الحج وصدقاته وهي ضربان:
  الأول: ما شُرِعَ جَبْراً لعروض نقص من فعل محظور أو ترك نسكٍ، فيدخل فيه الفداء والكفارات والجزاءات ودم الإحصار ودماء المناسك ودم الرفض وقيمة الصيد الحرم(١).
  فهذا سببه معصية أو شبيه بالمعصية، فتكون فيه الشائبتان التي(٢) في الكفارة مع أمر آخر وهو زيادة الكرامة لأضياف الله تعالى بتلك الدماء والصدقات كما مر ذكره، لكن شائبة العقوبة ضعيفة؛ لأن ذلك المكان مؤَهَّل للعبادة والكرامة بجعله مثابةً للناس وأمناً، لا للمؤاخذة والعقوبة؛ ولذلك لا يُقام فيه حدٌّ ولا قصاصٌ.
  فرع: فلكونه عبادة ثبتت له أحكامها من إخلاص النية، وعدم مجامعة معصية، والقربة في المصرف.
  ولكونه تطهرة وغسالة ذنب المحرِم حرُمت على من حرُمت عليه الكفارة على ما مر.
(١) في (ب): «صيد المحرم».
(٢) الصواب: «اللتان».