[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
النوع الثاني: في حقوق الله التي هي ديانات
  وهي ضربان: بدنية ومالية، ولكونها كلها حقاً لله اعتبر فيها ما يُعتبر في حقوق الله على ما مر، ولكونها مجردةً عن العبادة لم يفتقر في تأديتها إلى نية، وصحت من الكافر ومن الصبي، ومع مصاحبة معصية، وإن استحق عليها العقاب فليس العقاب على الإخلال بها كما في العبادات بل على المعصية فقط، وهناك عليهما معاً.
  فرع: وكل الديانات تصير عبادة باقتران النية المعتبرة في العبادات، فيعتبر فيها حينئذ ما يعتبر في العبادة من الشروط والأحكام، كما أن النية إذا اقترنت بالمباحات صيَّرتها عبادةً كذلك.
الضرب الأول: الديانة البدنية
  ويجمعها أنها غير مقصودة في نفسها، بل إنما شرعت وسيلة إلى غيرها وهي بابان:
[باب التطهر من النجاسات]
  باب التطهر من النجاسات: وهي ديانة محضة، والمقصود منها الصلاة؛ لكونها شرطاً في صحتها، وقد تقدم تحقيق الكلام فيها.
[باب الجهاد]
  الثاني: باب الجهاد: وهو من آكد الوجبات؛ وذلك لتوقف قواعد الدين كلها عليه تَوَقُّفَ الغايةِ على الْمُغَيَّا، وهو ديانة محضة؛ لأنه غير مقصود في نفسه، بل المقصود به إما حفظ الموجود من الحق بالذبِّ عن تغييره، أو طلب الزيادة عليه بالغزو إلى ديار المبطلين، فهذان قسمان، والأول منهما أهمُّ من الثاني؛ إذ الأول بمنزلة دفع الضرر، والثاني [بمنزلة جلب النفع، والأول بمنزلة النهي عن المنكر والثاني](١) بمنزلة الأمر بالمعروف.
(١) ساقط من (أ).