معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 167 - الجزء 1

بابُ حدِّ الشارب

  هو حق لله محض فثبتت له تلك الأحكام السابقة، وثبوته جملة بالإجماع المستند إلى النص، وتقديره بالثمانين بالمصلحة المرسلة⁣(⁣١) كما روي عن علي⁣(⁣٢) #.

  فإن قيل: ذلك قياس؛ إذ هو داع إلى القذف وحكم ما يدعو إلى الشيء حكم ذلك الشيء قياساً على الخلوة في إيجاب المهر، وعلى النظر واللمس لشهوة في التحريم.

  قلنا: إن أريد بكون حكمِهِ حكمَهُ على العموم لم يصدق، أو الخصوص فغير مقيد.

  مسألة: وسببه تناول مسكر حرام عند المتناوِل غير معذور فيه؛ لأنه شرع عقوبة، وإنما يستحقها مع⁣(⁣٣) جمع القيود.

  فرع: فيشمل المشروبَ والمستأدمَ به لا المعجون به؛ لأنه مستهلك فيعزر فقط.

  ويشمل قليل ما أسكر كثيره، ولو مطبوخاً أو من غير الشجرتين.

  وخرج الكافر مطلقاً، والحنفيّ شَرِبَ نبيذاً، خلافاً لبعض أصحابنا والشافعي، مع أنه غير مجروح اتفاقاً، وخرج المكرَه والمضطر والغالط والجاهل حيث يحتمل.

  فرع: ولما كان زوال عقل السكران بفعله الذي عصى به صحح الشارع طلاقه وعتقه وظهاره وإيلاؤه وردته وإقراره ووصيته ونذره ويمينه ونحو ذلك، مما يلحقه به مضرة، وأوجب عليه القصاصَ والحدَّ بجناياته؛ لأن تصحيح ذلك مناسب لعقوبته وهو من أهلها، وقد اختار سببها. هذا قول كثير من العلماء.

  فإذا ارتدَّ حُكِمَ بكفره، وإذا أسلم في الحال لم يحكم بإسلامه حتى يُفيق ويثبت


(١) المصلحة المرسلة: هي ما لم يشهد الشرع لاعتباره ولا لإلغائه بدليل خاص. وتسمى عند البعض بالاستصلاح وبالمناسب المرسل.

(٢) روي عن علي # أنه قال حين استشاره عمر في الخمر يشربها الرجل: (إنه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وإذا افترى وجب عليه حد المفتري ثمانون). أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد، والدارقطني (١٥٧/ ٣)، والحاكم في المستدرك (٨١٣١)، والبيهقي (١٧٩٩٤) في الكبرى وعبدالرزاق في المصنف.

(٣) في (ب، ج): من.