معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 217 - الجزء 1

  صدقة، أو تبرأْ ذمتك من ديني بجزم المضارع، ففعل فإنها تقع هذه الأحكام؛ إذ هو تعليق في المعنى؛ لا لو قال: أعتقُ أو أطلقُ ونحوه؛ إذ هي عِدَةٌ فقط.

  فرع: وقد يكون القول مفيداً للحكم بإعراب له مخصوص، كما إذا قال رب المال للعامل: لا تسافر وتبيعَ بالنَّسَأ بالنصب، يصير محجوراً عن الجمع فقط، وبالجزم يصير محجوراً عن كل منهما، وبالرفع عن الأول فقط.

  وإذا قال: لا تسافر ولا تنسي بالرفع أو النصب كان حجراً عن الإنساء في السفر، وبالجزم عن كل منهما.

  وإن قال: حجرتك عن السفر وبيع النسأ بالنصب كان حجراً عن الجمع، وبالجر عن كل منهما.

  وإذا قال: عليَّ له صاعُ بُرٍّ بالجر، فله تفسيره بكل من الظرف أو⁣(⁣١) المظروف، بخلاف ما لو نصب فهو المظروف قطعاً، وأمثال ذلك.

فصل: [فيما يكون فيه القول المفيد للحكم غير مذكور]

  وقد يكون القول المفيد للحكم غير مذكور ولا مقدَّر، ولكن دَلَّ عليه بذكر لازم من لوازمه، فكان قائماً مقامه ومتضمناً له، ويسمى ذلك اقتضاء نحو: أعتق عبدك عن كفارتي بألف، فهو توكيل متضمِّن للإيجاب الموجب مع القبول للملك، فيشترط فيه كمال صفات المبيع، من وجوده في الملك وتمييزه، ونحوهما.

  وقوله: أعتقتُ متضمِّن للقبول، فيشترط فيه شرائطه، من كونه في المجلس قبل الإعراض، وقبل رجوع الموجب ونحوها.

  فرع: فلو كان ذا رحم للطالب لم يقع عن الكفارة؛ لأنه عَتَق بالملك لا بنفس الإعتاق.

  وتحقيقه: أن قوله: أعتق عبدك، بمثابة [قوله]⁣(⁣٢) اشتريت عبدَك وأَمَرْتُك


(١) في (ب، ج): بالواو.

(٢) ساقط من (أ).