معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 223 - الجزء 1

[الأسباب القولية: إنشاءات وإخبارات]

  وأما تقسيمها؛ فالأسباب القولية: إنشاءات وإخبارات.

  والإنشاءات عقود وغيرها، فتلك ثلاثة أقسام.

[القسم الأول: الإنشاءات التي هي عقود]

  الأول: العقود: وهي إما عقود معاوضة محضة، وذلك حيث كان معاوضة مالٍ بمال كالبيع والإجارة والكتابة، وكذلك العتق والنذر والهبة والوصية والبراء من الدين حيث قوبلت بالمال عقداً.

  وإما عقود تبرع كالهبة، وكذا النذر، والوصية على قولٍ، على أنها في التحقيق لا تخلو من شبهة المعاوضة، على ما سيأتي.

  وإما مشبهة⁣(⁣١) بعقود المعاوضة، وذلك حيث المال من أحد الطرفين فقط، كالنكاح والخلع، أو كان العقد على غرض غير مال نحو: أنت طالق على دخول الدار، وسيأتي تفصيل جميع ذلك إن شاء الله تعالى.

  مسألة: والعقد: قول مركب من قولين إنشائيين، يسمى أولهما إيجاباً وثانيهما قبولاً، ولا بد من كونهما ماضيين عند جماعة؛ لأنه أدلُّ على الوقوع.

  وأما وقوع النكاح والخلع ونحوهما بلفظ الأمر فليس على ظاهره، بل الأمر توكيل، والإيجاب والقبول وقعا بلفظ واحد، ولهذا لم يصح ذلك إلا فيما يصح أن يتولى طرفيه واحد، وهذا ضعيف؛ إذ يلزم منه الصحة في غير مجلس الأمر.

  فرع: ولكونه مركباً لم يتحصل الحكم إلا بالمجموع، وقول الحنفية: إنه يخرج المبيع عن ملك البائع بقوله: بعت، ويدخل في ملك المشتري بقوله: اشتريت، مراعاة للمناسبة؛ إذ الواجب أن يكون تأثير اللفظ في حكم يرجع إلى اللافظ، لا سيما وهو خَلَفٌ عن فعل قلبه كما مر، على أنهم يقولون: إن خروج الملك باللفظ الأول موقوف على دخوله بالثاني.


(١) في (ج): شبيهة.