معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 258 - الجزء 1

  لأن استثناءه بناء على عدمه ولم يعدم.

  فإن قيل: في هذا الاستثناء نظر؛ لأنه إن كان من العقد لزم أن لا يصح إبداله في المجلس؛ لعدم دخوله في العقد، وإن كان من الرضا فدخوله في العقد عالماً به رضاً، ولا حكم للشرط كما في السلعة المعيبة.

  قلنا: هو من الانبرام ومحله في الصرف عقيب المجلس، فيصح إبداله في المجلس؛ لدخوله في العقد، ولم يكن دخوله فيه رضا؛ لعدم الانبرام، وليس له إبداله بعده للتفرق قبل⁣(⁣١) الانبرام، وقد علم من ذلك مخالفته للسلعة المعيبة.

  فرع: وقد علم أنه يصح في الصرف الإقالة والفسخ والتولية مطلقاً، وكذا المرابحة والمخاسرة مع اختلاف الجنس كسائر الربويات.

فصل: في السَّلَم

  هو نوع من البيع، ولذلك يقع بلفظ البيع من غير عكس، كما ذكرنا في الصرف، فإذا قال: بعت منك هذا العبد بوَسقٍ في الذمة كان بيعاً، وإن عكس كان سَلَماً. ذكره بعض الحنفية فتعتبر شرائطه، وهو مباين للصرف كسائر أنواع الجنس الواحد، فلا يقع أحدهما بلفظ الآخر، وهو ثابت استحساناً بالنص، لا قياساً؛ إذ هو بيع معدوم، لكن قد اشترط فيه شروط تُنقِص من إبهامه وتُقَرِّبُه من الوجود حتى يصير موجوداً حكماً.

  فرع: فاشترط حضورُ رأس المال مجلسَ العقد، وقبضُه فيه فإن كان نقداً فحكمه جميع ما ذكرنا في الصرف، وإن كان عرضاً فحكمه حكم المبيع، إلا في منع افتراقهما قبل القبض والانبرام.

  فرع: واشترط في المسلم فيه تعيُّنه بالأوصاف، من قَدْرٍ وغيره، وصحة بيعه بالآخر نسأ، ووجوب تأجيله، وإمكان وجوده للأجل، وتعيين مكان التسليم؛ إذ باجتماع هذه الأوصاف يصير كالموجود حكماً.


(١) في (ب): «بعد».