[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  الانعقاد، فإن ردَّه انفسخ العقد، وإن أجازهما معاً بَعْدُ، صح التصرف في الحال، وكذا إن أجاز الأول فقط، وكان هو القبض، فإن كان العقد(١) نفذ، ولا تصرف في الحال، والوجه في ذلك ظاهر.
  فرع: وقد علم أنه إذا قصد بالصدقة عوض غير القربة كانت هبة، تثبت لها أحكامها، وإذا قصد بالهبة مجرد القربة كانت صدقة تثبت لها أحكامها.
فصل: [في الهدية]
  والهدية كالهبة، إلا أنها لما شرعت لاستجلاب المودَّة وتأكيد الألفة، كما أشار إليه الشارع(٢)، استغنيَ فيها بالتسليم عن الإيجاب، وبالقبض عن القبول.
  وإنما تقوم التخلية مقام القبض في الهدية والصدقة، إذا اقترن بها ما يدل على القبول نحو: جزاك الله خيراً، أو قد استحققت الأجر؛ لأنها نائبة عن القبول، فلا بد من صدور ما يشعر به، بخلاف تخلية المبيع والموهوب والمهر ونحوها؛ إذ لا نيابة فيها.
  فرع: ولما كان الإلفة مطلوبة من الجانبين شرعت فيها المجازاة بالمثل وجوباً، وبالأفضل ندباً، فإن كانت بسببٍ تضيق قضاؤها عند حدوث مثل سببها، وإلا فبالطلب أو موت مستحقها كالدَّين المؤجَّل وغير المؤجل الثابت برضا مالكه، وما لم يجر فيه عرف بالمجازاة فهو تبرع محض.
  فرع: ولشرعية فعلها وقبولها صُدِّقَ الصبي في أن هذه من فلان، حيث لم يُظَنَّ كذبه، ووافقت العرف في جنسها وصفتها، وكون ذلك الصبي ممن يحملها عن فلان، ثم إذا بلغَ وادَّعى أنها له لم يُقْبل قوله، فإن اختل شيء من هذه القيود كان القولُ قولَه.
(١) في (أ) حاشية: «الصواب: القبول». وفي (ج) تظنيناً.
(٢) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ÷: «يا معشر من حضر تهادوا فإن الهدية قلّت أو كثرت تذهب السخيمة وتورث المودة»، وخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (٣٦٩)، والطبراني في المعجم الأوسط (١٥٢٦).