معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 290 - الجزء 1

  البدن، فسببُ البضع ومقابِلُه العقد، وسببُ استحقاق تسليم البدن مِلكُ البضع، وسببُ استحقاق مُقابِلِه ملكُ منافع البدن وعدمُ الامتناع شرطٌ، فصار العقد سبباً حقيقياً للأولين⁣(⁣١)، ومجازيّاً للآخِرَيْن⁣(⁣٢)؛ لكونه سبب السبب.

  فرع: ويثبت للزوجة حقوق أُخَر تابعة لما ذكرنا، كالقَسْم حيث له زوجة أخرى حاضرة، وعدم العزل حيث هي حرَّة، لا حيث هي أمة؛ لئلا يرق ولده، وكالوطء حيث آلى منها، أو بدله حيث تعذر وهو الفيء باللسان، وكَرَفْع الظهار، وسبب هذه كلها الغضاضة، فلكونها حقوقاً لها كان لهما⁣(⁣٣) إسقاطها، ولكون سببها متجدداً لم يصح إسقاطها في المستقبل.

فصل: في الفسخ

  لما كان في النكاح معاوضة تشبه بها البيع كما قدمنا ثبت لكل من الزوجين فسخ صاحبه بالعيب.

  وإنما ثبت الفسخ به دون غيره كفَقْد الصفة وخيار الشرط والرؤية؛ لأن في بقاء الزوجية كرهاً مع العيب اللازم المنفور⁣(⁣٤) عنه عادة نقضاً لغرض الشارع من حصول النسل، وثبوت التحصن، المبتني على كمال المودَّة، ووفور الشهوة، كما تقدم تحقيقه.

  فرع: ومن ثَمَّ لم يثبت بكل عيب، بل لما كان البقاء والنفرة لازمين له عادةً، سواء كانت النفرة بسبب التأذي به حساً كالجُذَام والبرص والجنون، أو بسبب الغضاضة كالرق والكفاءة، أو لعدم حصول المقصود كالرَتَق والعَفَل والقَرَن والجَبِّ والخَصْي والسَّل، وكذا العنَّة عند الأكثر؛ إذ هي كالسَّل.


(١) وهما ملك البضع ووجوب المهر.

(٢) ملك جميع منافع البدن الراجعة إلى الاستمتاع؛ إذ ملك منافع البضع هو السبب في ملكها، والثاني: وجوب النفقة وتوابعها؛ إذ سبب وجوبها ملك منافع البدن. هامش (ب، ج).

(٣) في (ب، ج): «لها».

(٤) في (ب): «النفور».