معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 300 - الجزء 1

  فرع: فلو خالع العبد زوجته - وهي حرة أو أمة - لغير سيد العبد على عين من مال سيده لزمها قيمتها له سواء أجاز أم لا، وإن اختلف الوجه فإن كانت أمة لسيده صح الخلع أيضاً عيناً كان المال أو ديناً، أجاز السيد أم لا؛ لوقوع الطلاق على عوض صحيح، ولا يضر عروض بطلانه.

  فرع: ومن ذلك لو خالع السيدُ عبدَه عن زوجته بعوض منه، فإنه يقع خلعاً، ولا يضر كون العوض صائراً إلى ملكه؛ لصحة معاملة السيد مملوكه بيعاً وشراءً وشفعة وإجارة وغيرها، كما تقدم تحقيق ذلك.

فصل: في التثليث

  قد علم أن الطلقة الواحدة تُسْقِط ملك البُضع، ناجزاً إن كان خلعاً، أو قبل الدخول.

  أما الأول فلأجل العوض على ما مر، وأما الثاني فلضعف الملك، فهو كفسخ المبيع قبل القبض.

  وموقوفاً على انقضاء العِدَّة إن كان غير ذلك، ويُسَمَّى رجعياً، وعلى كل حال فبالواحدة ينقص الحِلُّ السابق على النكاح، وبالطلقة الثانية يزداد النقصان. ومن ثم اشترط كونها بعد رجوع الملك بعقد أو رجعة، وبالطلقة الثالثة عدم الحِل السابق على النكاح، وحدثت حرمة شبيهة بالعقوبة، كما تقدم؛ لأنها شرعت للزجر.

  فرع: ولما كان سببُ الحرمة هو التثليثَ الواقعَ في الملك لم ترتفع إلا بتوسط ملكٍ للغير تام، ليذوق كل منهما فيه عُسَيْلةَ الآخر؛ ليستقر الملك، ويكمل الفراش، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣١). وبطلاقه يعود الحل الأصلي في حق الزوج الأول، فنكاح الثاني منتهى الحرمة، وطلاقه ابتداء الحل، كما نبه عليه الشارع⁣(⁣٢).


(١) قال النبي ÷ في امرأة رفاعة القرظي: «لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته» أخرج القصة البخاري (٥٧٩٢)، ومسلم (١٤٣٣).

(٢) بقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ...} الآية [البقرة: ٢٣٠].