معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 305 - الجزء 1

  للطلاق كالوطء ومقدماته، ولا تحتاج إلى نية؛ ولذلك قال بعض أصحابنا: إنها تقع بالخلوة، والأكثر على خلافه؛ إذ لا منافاة حقيقية بينهما، وأما العقد فهو مقرر للطلاق لا مناف له، فلا تتأدَّى به الرجعة عند بعض أصحابنا. وقيل: بل تتأدى به، والأول هو القياس.

  فرع: ولكون الملك الأول باقياً بعد الطلاق الرجعي، حرمت الخامسة والأخت ونحوها، وصحت الرجعة عن طلاق الأمة من الحرِّ، ولو قد وجد الطَوْل، ولو قد كانت تحته حرة، وثبت بموت أحدهما التوارث في⁣(⁣١) العدة، وبموت الزوج الانتقال إلى عدة الوفاة، وحرم التعريض بالخِطبة اتفاقاً، ووجبت السكنى.

  فرع: وإذا طلقت المسترجعة قبل الدخول استأنفت العدة؛ لأن الطلاق الأول بطل بالرجعة، فصار الحكم للطلاق الآخر، وهو واقع على ملكٍ قد دخل عليها فيه لبقاء الملك الأول فوجبت العدة من وقته، بخلاف ما لو عقد بالمختلعة في العدة، ثم طلقها فيها قبل الدخول، فإنها تبني على الأولى⁣(⁣٢)؛ لأنه عاد بالعقد الملك الأول الذي دخل فيه فيعود اعتباره واعتبار الطلاق الأول؛ إذ لم يبطل بالعقد.

  فرع: ولكون الطلاق الرجعي مشبهاً للبيع بخيار البائع في بقاء الملك، وكون إسقاطه مؤقتاً⁣(⁣٣)، أشبهت الرجعة فسخ البائع، فصح إيقاعها مشروطة عند بعض أصحابنا مثله وصحت مبهمة المحل كما يصح فسخ أحد المبيعين، فيُجْبر على التعيين.

فصل: في العدة

  وللمحافظة على حق الفراش، وتأكيد رعايته، شرعت العدة تتميماً له، وتكميلاً لحقه، ومبالغة في حفظ الأمواء عن الاختلاط.


(١) في (ج): «والعدة».

(٢) في (ب، ج): «الأول».

(٣) في (ب، ج): «موقوفًا».