معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 317 - الجزء 1

  ملكي فقد فسختُ عليك، وإن فسختُ المبيع بالخيار فقد أسقطت الخيار قبله، وإن قضيتني ديني فأنت بريء قبله، وأمثال ذلك، فقيل: يصح ذلك كله فيتمانع الشرط والمشروط، وهو الناجز والمعلَّق، وكذلك إذا جُعِل توقيتاً نحو: أنت حر قبل بيعي لك، وقد أبرأتك من الدَّين قبل أن تقضيني إياه وأنتِ طالق ثلاثاً قبل وقوع الطلاق مني عليك.

  وقيل: يبطل كله؛ لأنه إن كان شرطاً ففيه تقديم المشروط على الشرط، وتعليق الحكم بما يستلزم عدمه.

  وإن كان توقيتاً ففيه الأمر الثاني، وهذا هو الصحيح إلا أن التعليل الآخر هو المعتمد؛ لما تقدم في مسألة تقدم المشروط على الشرط، فيقع الناجز، ويقع منه⁣(⁣١) من الأول وهو المعلق أو المؤقت ما لا ينافيه؛ لعدم المانع، وهو التنافي حينئذ.

  ففي مسألة الطلاق يقع الناجز واثنتان من الأول، وإذا قال: إذا قضيتني بعض دَيْني غداً فقد أبرأتك من جميعه الآن، برئ عند وجود الشرط من الباقي.

  وإذا قال: متى انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم انفسخت بالردة وقع الطلاق على القول أن البينونة بانقضاء العدة فقط.

فصل: في كيفية وقوع الحكم المعلق

  لما كان التعليق داخلاً على الحكم ومصيِّراً له موقوفاً على وجود الشرط، كان وجوده في الوقت الثاني من وجود الشرط لا مقارناً له، خلافاً لبعضهم فيما يمكن فيه المقارنة، وهو مستقيم على القول بأن الإنشاء إنما ينعقد سبباً عند وجود الشرط؛ إذ الشرط حينئذ جزء من العلة والعلل الشرعية مقارنة لمعلولاتها.

  فرع: فإذا قال لعبده: إن بعتك فأنت حر ثم باعه، نفذ بيعه ولا عتق، وعلى القول الثاني يقع التمانع، وإذا قال لزوجته الطفلة: إن رضعت من أم زوجتي الأخرى فأنت طالق ثم رضعت وقع الفسخ؛ لمقارنته لعلته، لا الطلاق لتأخره، وعلى الثاني يقعان


(١) في (ب، ج): «معه».