معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 325 - الجزء 1

  لزمه صيام ما بعده من الأيام وكفارة يمين لليوم الذي بعد موته، فإن نذر بما له أصل في الوجوب وبمباحٍ، لغا المباح وصح في غيره؛ إذ لا معصية في غيره.

  فرع: ولما كان النذر إلزاماً للذمة وذمة العبد كاملة كما مر صح نذره، فإذا نذر بصيام أو حج ثم عتَقَ في مرض موته وملك مالاً لزمه الوصية بكفارة الصوم، ولزمه التحجيج؛ لانعقاد نذره وقت الإنشاء، لكن عرض مانع من تسليمه.

  وكذا من نذر بما يظن أنه لا يقدر عليه فانكشف خلافه فإنه يلزمه الوفاء، وإن [لم]⁣(⁣١) أثم بالنذر، بخلاف العكس فلا إثم، وتجب الكفارة؛ لأنها خَلَفٌ بالنسبة إلى اعتقاد الناذر.

  فرع: ولشبه النذر باليمين كان الخارج منه مخرج اليمين حكمه حكمها في وجوب الكفارة بالحنث، كما ذكره جماعة من العلماء؛ لعدم القربة، وهي شرط في غير التمليك [كما مر]⁣(⁣٢)، ولذلك قال بعضهم: لا يجب فيه وفاء ولا كفارة، كما في النذر بالمباح، ويفهم من هذا التعليل أن الخارج مخرج اليمين إذا كان تمليكاً يجب الوفاء به؛ لعدم اشتراط قصد القربة، وإن كان إطلاقهم يقتضي عدم الفرق.

باب الوصية

  هي إيجاب حق للغير في التركة مسنداً إلى بعد الموت، وهي مشبهة للميراث في كونها شرعت صلةً لعود⁣(⁣٣) نفعها، ولذلك كان بدلاً منها، وهي مخالفة للقياس؛ لبطلان الملك بالموت، فكيف يصح التصرف المسند إلى ما بعده؟ وثبتت استحساناً بالنصوص والإجماع.

  وإنما شرعت نظراً للموصي وزيادةً في أعمال الخير بأنواع الصلات بالمصالح الخاصة والعامة، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣٤).


(١) ساقط من (ب، ج).

(٢) ساقط من (أ).

(٣) في (ج): «يعود».

(٤) أخرج ابن عبد البر في الاستذكار (٢٨٣/ ٦) عن ابن عباس أن النبي ÷ قال: «إن الله =