[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  وأما على القول الثاني فكذا إن تملكها(١) بالاستثناء، لا بالوقف حيث انقطع المصرف على ما مر.
  فرع: ولكون الرقبة لله تعالى صح جعْلُها عن حقوقه، أمَّا عن المظالم فبالاتفاق؛ لأنها من أموال المصالح، وأمَّا عن الزكاة فكذا عند من جوَّز صرفها في المصالح، وأمَّا الكفارات فلا؛ إذ لا يصح صرفها في المصالح إلا عند بعضهم، كما تقدم أول الكتاب.
باب الرهن
  هو جَعْلُ مالكِ العينِ حقاً فيها للمرتهن لسببه يملك(٢) اليدَ عليها، فيصير المالك محجوراً عن التصرف فيها. شُرع حفظاً لحق الغير، وصيانة له عن الضياع، كما أشار إليه الشارع(٣).
  فرع: فعلم أنه لازِمٌ من جهة الراهن؛ إذ هو تمليكُ حقٍّ جائزٌ من جهة المرتهن؛ إذ له إسقاط حقه المختص به.
  فرع: وقد علم أنه يُشبه الإنشاء؛ لأنه إثبات حق للغير كالإلزام(٤)، ويشبه العقد؛ لأنه في مقابلة حق، ففيه شبهة معاوضة. فللأمر الأول صح معلقاً على شرط مستقل(٥)، ولم يشترط فيه اللفظ من الجانبين معاً، وتعلق الحق فيه بالموكِّل؛ ولذلك وجبت الإضافة إليه في اللفظ.
  وللأمر الثاني صح لحوق الإجازة له، وكان مضموناً على المرتهن بأيِّ وجه تلف؛ لأنه في مقابلة عوضٍ مضمون، ولذلك كان ضمانه بأوفَر القِيَم من القبض إلى التلف، ولم تحمل منه العاقلة شيئاً حيث كان عبداً أو أمة؛ لأنه لزمه عن
(١) في (ب، ج): «ملكها».
(٢) في (ب، ج): «بسببه يملك».
(٣) عن النبي ÷ قال: «لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه» أخرجه ابن حبان في صحيحه (٥٩٣٤)، والدارقطني في السنن (٦١٦/ ٢).
(٤) في (ب، ج): «كالالتزام».
(٥) في (ج): «مستقبل».