معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 357 - الجزء 1

  ابتداء، وإذا كان الضمان بمعنى النذر ثبتت له أحكامه.

باب الصلح

  هو في المعنى معاوضة مال أو منفعة بمال أو منفعة، شُرع لقطع الدعوى في المصالَح عنه أو دَفْعَها.

  فرع: فلكونها⁣(⁣١) معاوضة على الصفة المذكورة لم تكن نوعاً من المعاملات مستقلاً بل يرجع تارة إلى البيع وتارة إلى الإجارة وتارة إلى الإبراء.

  فإن وقع بين عَرْضَين أو عَرْض⁣(⁣٢) وغيره كان بيعاً، وإن وقع بين نقدين موجودَين مطلقاً أو مختلفي الجنس والمصالَحُ عنه دينٌ كان صرفاً، وإن وقع بمنفعة عن مال كان إجارة في الأعيان، وبمنفعة هي عملٌ في عينٍ كان إجارة في الأعمال، وإن وقع بمال عن دَيْنٍ من جنسه كان إبراء، فيشترط في كل من هذه شرائطه.

  فرع: فلو صالح الورثةُ زوجةَ الميت عن ميراثها بِعَرْضٍ من التركة لم يصح؛ إذ صار ذلك العرْض مبيعاً وهي تملك بعضه فتكون مشتريةً ملكَها وملكَ غيرِها، وإن صالح رجلٌ غيرَه عن سيف مفضَّض تحت يده بدراهم، اشترط كونها أكثر من الفضة مع التقابض في المجلس في قدرها ونحو ذلك.

  فرع: وقد يتضمن الصلح بعوض واحد بيعاً وإبراء وتعتبر شرائطهما، كما إذا صالح بمائة درهم رجلَين لأحدهما خمسون درهماً دَيْناً وللآخر عبد قيمته دونها، فإنه يصح ويقتسمانها على قدر الدَّين وقيمة العبد، فلو كانت الخمسون موجودة تحت اليد لم يصح؛ إذ هو صرف في حقها مع التفاضل.

  فرع: ولكونه شُرِع لقطع الدعوى بعد وجودها أو دفعها قبل وجودها، وجب كون المصالَح عنه دَيْناً في ذمة المصالِح أو عَيْناً تحت يده؛ لتصح دعواه عليه.


(١) في (ب، ج): «فلكونه».

(٢) في (أ): «غرضين أو غرضٍ».