معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 363 - الجزء 1

  إلا إذا وُجِدَ سببه؛ إذ هو حينئذ كالموجود كالإبراء من القصاص أو من السراية بعد الجَرْح، ومن⁣(⁣١) أبرأ المعالج البصيرَ من الخطأ؛ لأن سببها هو العقد أو ما في حكمه؛ لأنه مسلَّط حينئذ بإذن الشرع، بخلاف المتعاطي.

  ومنه أيضاً إبراء الزوجة من النفقة؛ لأن سببها العقد عن البعض⁣(⁣٢) على ما مر.

باب الإباحة

  هي إسقاط حق المنعِ من استهلاك الشيء المباح في المستقبل.

  فرع: فلكونها إسقاطاً صحت في المجهول وللمجهول، ولم تفتقر إلى علم المباح له، ولم تصح من المحجور ووليِّ الصبي.

  فرع: ولما كان المسقَط حق المنع الذي سببه الملك اشترط في صحتها حصول ذلك الحق؛ لوجود سببه الذي هو الملك أو سبب سببه الذي هو سبب ملكه، فلم تصح إباحة ما سيدخل في ملكه بإرثٍ أو اشتراء ونحوهما، وتصح إباحة غلاتِ مِلكِه كما يصح عمرى شجرته أو بقرته فيدخل لبن أولادها، وهذا في المؤقتة كما مر.

  فرع: ولما كان المالك يملك المنع من كل تصرفٍ صحت الإباحة عامةً وخاصةً كما قالوا للضّيْف أن يأكل لا أن يحمل، وللمستعير والمعمَّر والمسكَّن أن ينتفع الانتفاعَ المعتادَ لا أن يُعِير ولا يعتاض.

  وقالوا فيمن أبيح له التصرف العام له أن يبيع ويهب ويستهلك، ومن سَيَّبَ دابته رغبةً عنها ملكها الغير بقبضها بنية التملك، وقال بعض أصحابنا: من أباح ثمر شجرته إباحةً مطلقةً ملكها المباحُ له باجتنائه.

  فرع: وقد علم أن الإباحة إنما تكون فيما يمكن انتفاع المباح له باستهلاك أو


(١) في (ب، ج): «ومنه إبراء».

(٢) «أي: عن بعض العلماء». حاشية في (أ).