[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  العوض، وليست كالمشروطة بصحة العوض كما في الضرب الأول؛ لعلمه هنا بالبطلان بل بتسليم ذلك العوض، فتنفذ الإباحة بالتسليم.
فصل: في العارية
  هي نوع من الإباحة؛ إذ هي إباحة المنافع، فيشترط صدورها من مالكها، كما سبق ولو بوقف أو إجارة أو وصية أو نذر أو استثناء من بيع أو نحوه.
  فرع: فلا يصح أن يُعير ما سيملكه بشراء أو غيره بل ما تلده بهيمته كما قلنا في العمرى المؤقتة بملك السبب، وكمن اشترى داراً مسلوبة المنافع سنة فإنه يصح أن يعيرها في الحال لما بعد السنة لما ذكرنا.
  فرع: ولكونها إباحة لم يكن للمستعير أن يعير، ولا يتجاوز المنفعة التي عَيَّنَ المالك ولو إلى مثلها أو دونها، وكان للمبيح الرجوع فيها أي وقت شاء إلا أنه إذا أعار الخشبة ونحوها للبناء عليها عارية مقيدة(١) أو مطلقة أو مؤقتة ورجع قبل انقضاء الوقت، صار برجوعه جانياً على حق المستعير؛ إذ ألزمه الهدم فيلزمه الأرش وهو قيمة العمل وما نقص من الأعيان بالهدم.
  وكيفيته: أن يقوَّم البناء الذي على الخشبة مستقلاً أو منضمّاً إلى غيره، ثم يهدم ثم تقوَّم بعد ذلك الآلات، فيسلم المستعير(٢) ما بين القيمتين سواء كان مثل الغرامة أو أقل أو أكثر، وأجرة الهدم على المستعير؛ إذ هو حق عليه.
  فرع: فمن أعار أرضاً للغرس(٣) أو الزرع فحرث وسقى ثم رجع المعير لزمه قيمة تلك الصفة لاستهلاكها على المستعير ولا يمكن فصلها.
  فإن كان قد غرس أو بنى فهو مما يمكن فصله لكن فيه نقصان على المستعير فإن شاء أخذ قيمتها وإن شاء نزعها وأخذ أرش نقصانها بالقلع. وإن كان قد ألقى البذر للزرع ثبت له مع هذين ثالث وهو البقاء بالأجرة؛ لأن له أمداً.
(١) في (ب، ج): «مؤبدة».
(٢) في (ب، ج): «المعير» وهو الصواب فتأمل.
(٣) في (ب، ج): «للحرث».