[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  حكمه، ولم يكن للوكيل بعده عزل نفسه إلا في وجه الأصل، ولم يصح تصرفه قبل العلم.
  فرع: وهذه الاستنابة لا خلفيَّة فيها إلا في المعاوضات المحضة وهي البيع والإجارة وما في معناهما من الهبة على عوض وكذا الصلح والكتابة على الأصح، ففي هذه شائبة خلفية صوناً للحقوق عن الضياع.
  فرع: فلذلك تعلقت الحقوق في هذه بالوكيل قالت الحنفية: لأن المال يدخل في ملكه لحظة مختطفة، ومن ثَمَّ قال بعض أصحابنا: إنه إن اشترى رحمه عتق عليه أو زوجتَه انفسخ نكاحها، فعلى هذا لو وكَّل عبداً باشتراء(١) نفسه عتق.
  فرع: فإن أضاف إلى الأصل فلا خَلَفية في الأصح وهو نائب في اللفظ فقط، فلا يتعلق به حق كما في غير المعاوضات المحضة كالنكاح وتوابعه والنذر بالمال بالهبة(٢) ونحوها، فتجب فيها كلها الإضافة، فلا يتعلق بالوكيل حق إذ لا خلفية.
  وبعض أصحابنا والشافعي نفوا الخلفية مطلقاً في الجميع، فعلَّقوا الحقوق بالأصل مطلقاً، وأوجبوا الإضافة في جميعها.
  فرع: ولتعلق الحقوق به على القول الأول ورثت عنه ولغى تعيينه لنفسه فيما عينه الأصل من مشترى ونحوه، ونفذ تصرفه بعد العزل قبل العلم به.
فصل: [في المضاربة]
  والمضاربة نوع من التوكيل؛ إذ هي وكالة فيها شائبة شِرْكة، وهي منطوية على معنى الإجارة.
  فرع: فلكونها وكالة كان للمالك عزل العامل متى شاء، ولم يكن للعامل عزل نفسه إلا في وجه المالك، وصحت معلقة ومؤقتة، وبطلت بما تبطل به الوكالة فيما مر ولم يكن للعامل مضاربة غيره إلا إذا كان مفوَّضاً، وتناولت
(١) في (أ): يشتري.
(٢) في (ب، ج): «والهبة».