[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  للآخر وعليه، وإذا أقام أحدهما البينة على خصمه كان للآخر أن يطلب الحكم، وإذا حلَّف أحدهما خصمه لم يكن للآخر تحليفه، بخلاف ما إذا حلف أحدهما لخصمه فإن للخصم تحليف الآخر؛ لأنه لو أقرَّ لزمه على انفراده، ولكونهما كالشخص الواحد كانت نفقتهما على أنفسهما من المال ولو تفاضلت.
  فرع: فقد علم أن مرجع شركة المفاوضة إلى ثلاثة أشياء:
  الوكالة في التصرف كسائر الشرك.
  ووكالة أخرى بها استحق كل منهما أن يطالب غريم الآخر.
  وكفالة بها استحق غريم كل منهما أن يطالب الآخر. بخلاف شركة العنان فليس فيها إلا الحكم الأول، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  فإن قيل: كيف يصح الحكمان الآخران وقد علم أنه لا تصح الوكالة قبل ثبوت الحق ولا الكفالة لغير معين؟
  قلنا: إنما ثبتا هنا تبعاً للاشتراك في الذمتين كما ذكرنا؛ إذ هما من ضرورته لا بإنشاء توكيل أو تكفيل، وقد ثبت الحكم تبعاً حيث لا يثبت مقصوداً كما ذكرنا في التوكيل بطلاق البدعة ونحوه، وكما ذكرنا في ركعتي الطواف.
  فرع: ولكونهما ثبتا هنا تبعاً لاتحاد الذمة كما ذكرنا لو اشترك رجلان في نقدين متساويين وفي يد أحدهما تجارة أو نقد آخر وعقداها على الثلاثة الأحكام التي هي أحكام المفاوضة الوكالتين والكفالة مصرحين بها، كانت عناناً ولم تصح إلا الوكالة الأولى لعدم اتحاد الذمتين حكماً لنقصان إحداهما كما حققناه أولاً.
الضرب الثاني: العَنَان
  ومرجعها إلى الحكم الأول من أحكام المفاوضة وهو التوكيل في التصرف مع المعاوضة [في العمل](١) فيتعلق بكلٍ منهما حقوق تصرفه؛ إذ الحقوق تعلق بالوكيل لكن له الرجوع عليه بحصته من الخسر.
(١) ساقط من (أ).