[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
[الأسباب التي هي أقوال إخبارية]
  وأما الأسباب التي هي أقوال إخبارية، فهي ثلاثة أنواع: أخبار محضة، وأخبار مشوبة بإنشاء وجنبة الخبر غالبة، والعكس.
[النوع الأول: الأخبار المحضة]
[الإقرار]
  أما النوع الأول: فمنه الإقرار فهو إخبار عن حق على المخبِر فيما مضى.
  فرع: ولكونه إخباراً وجب أن يكون له مخبَرٌ عنه في نفس الأمر بحسب الظاهر بقصد الإخبار(١) عنه فلم يصح الإقرار الذي عُرِف كذبه؛ لعدم المخبَرِ عنه ولا ما هُزِل به؛ لعدم القصد.
  فرع: وقد يكون هذا الخبر حاصلاً في ضمن الإنشاء من نداءٍ أو نهيٍ أو أمرٍ أو استفهام أو تمنٍّ أو غيرها نحو: يا حرُّ، يا طالق، يا مَنْ له علي مائة درهم، يا مَنْ بعت منه(٢) كذا، ونحو: اضرب هذا الحرَّ، وليتك تُكلم هذه التي طلقتها، أو الذي بعت منه ونحو: أعطني سرج دابتك هذه وثوب هذا الحرِّ أو هذه الطالق أو نحو ذلك، فتثبت أحكام الإقرار.
  فرع: فإن علم هزله في الإنشاء لم يمنع ذلك صحت الإقرار الضمني نحو: ما أبيض هذا الحر! لشديد السواد، وهب لي صوف دابتك، هازلاً في الأمر؛ لاختلاف محل الإقرار ومحل الهزل.
  فإن اتحد محلَّاهما لم يصح، وذلك حيث يكون الهزل في الوصف الذي هو محل الإقرار الضمني نحو: أعطني ثوب عبدك، أو انزل معنا في دارك، وكُلْ معنا من طعامك حيث عرف أنه قصد التملُّق لا المعاني الحقيقية، وسواء جَدَّ في الإنشاء أو هزل.
(١) في (ب، ج): «يقصد بالإخبار».
(٢) في (ب، ج): «منك».