معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 383 - الجزء 1

  للخبر كما ذكرنا نحو: ما كان في كيسي فهو لزيد، وما كان ينسب إليَّ فهو لعمرو، لا ما وُجِدَ في بيتي؛ إذ هو مستقبل فلا يصح.

  فرع: وقد علم مما ذكرنا أن قوله: عليَّ له كذا إن جاء زيد إقرار لا حكم له، ولو قيل: بأن الإقرار بصدر الكلام صحيح فلا يصح الرجوع عنه بآخرها⁣(⁣١) لكان قوياً؛ لما تقدم أن القيود الرافعة لصدر الكلام⁣(⁣٢) ملغاة لا المغيِّرة كما قالوا في: عليَّ له كذا إذا جاء رأس الشهر؛ لأن اعتبار بعض الكلام أولى من إلغاء كله.

  فرع: ولذلك إذا قال: عليَّ له خمسون لا بل مائة، وهي طالق واحدة لا بل اثنتين، دخل الأول في الآخر؛ لاحتمال كونه مُغَيِّراً بالزيادة. بخلاف: هذه طالق لا بل هذه، وعندي له خمسون لا بل شاة؛ إذ هو رافع فيثبتان معاً.

  وقيل: إنما يحمل على التداخل ما كان في الإقرار كالمثال الأول لا الإنشاء كالمثال الثاني فتطلق ثلاثاً؛ لأن الإخبار يحتمل التدارك لا الإنشاء، ونحن نقول: التدارك للانفراد فقط، فلا فرق حينئذ.

فصل: [القذف]

  ومن هذا النوع القذف؛ إذ هو إخبار، إما مصرّح أو في ضمن إنشاء من نداء أو أمر أو نهي أو تعجب أو غيرها على ما مر في الإقرار.

  فرع: ولكونه خبراً متضمِّناً للجناية على عِرْض المقذوف لم تندفع الجناية إلا بما يصدقه من شهادة أو تصديق المقذوف أو نكوله عن اليمين أو كون حاله غير منافية لانحطاط عِرْضه عادةً ككونه مملوكاً أو كافراً أو غيرَ مكلفٍ أو عفيفٍ⁣(⁣٣)، على ما مر في الحدود.

  فرع: والنكول هنا مسقط للحدِّ عن القاذف غير موجب له على المقذوف كما يوجب الحق في غير هذا الموضع؛ لأن النكول إما خَلَفٌ عن الشهادة أو عن


(١) أي: بآخر الجملة.

(٢) لعل مراده الاستثناء المستغرق. هامش (أ، ب، ج).

(٣) أي: غير عفيف. هامش (ج، ب).