[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
الضرب الثاني: الأفعال التي ليست في معنى الأقوال
  وهي قسمان؛ لأنها إما سبب في استحقاق الفاعل أو في الاستحقاق عليه؛ فالأول ضربان: سبب في ثبوت حق، وسبب في ثبوت ملك.
[الضرب الأول: الأفعال التي هي أسباب في ثبوت الحق]
  الضرب الأول: أنواع:
[التحجر]
  منها: التحجر: وهو ضَرْبُ الأعلام لقصد الإحياء.
  فرع: فهو سبب في ثبوت حق مجرد يصح تمليكه وإباحته، ويورث ويقتسمه الورثة والشركاء بِقِسْمَة محله، ولا تصح المعاوضة عليه كسائر الحقوق.
  فرع: ولكونه حقاً غير مقصود في نفسه افتقر إلى النية فمن رمى صيداً بأحجار فصار تلك الأحجار على صفة أعلام التحجر لم يكن متحجِّراً.
  ولكون المقصود به هو الإحياء المفيد للملك لم يصح فيما فيه حق للغير كحريم الدار وحقوق البلد ونحوها؛ لأن ملكه مستلزم ملك حقوقه فيسقط حق الغير.
  فرع: ولما كان الثابت فيه(١) حقاً لا ملكاً لم يثبت للمكان المتحجر حق فيما جاوره من المباحات إلا فيما احتوى عليه سواء اتصل به كالشجر أو انفصل عنه كالأحجار والصيد، وفيما كان من ضروراته كطريقه وإساحة مائه إلى ما تحته.
  فرع: فمن تحجر موضعاً فوقه وتحته مباحان ثم سبق إحياؤهما على إحيائه، لم يكن لذي الأسفل منع الإساحة ولذي الأعلى منع الصبِّ.
  ومنها: ضَرْبُ الخيمة وتضحية الثوب في الفلاة والسبق إلى شجرة بربط الدابة في أصلها أو الاستظلال بأغصانها والسبق إلى كهف أو ظل صخرة أو غدير ماء، فيثبت له حق في موضع الخيمة والثوب يمنع من تحجره واستطراقه،
(١) في (ج): «به».