معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 408 - الجزء 1

  ويُصَدَّقُ مدعي بُنُوَّتِه فيلحق نسبه فيتبعه حق الحضانة ونحوها، فإن ادعى بعد موت الصبي لم يلحق؛ إذ هي دعوى على بيت المال.

  فرع: فإن ادعى الغير أنه أخوه أو عمه لزمه الحقوق المالية كالنفقة والإرث، و [إن]⁣(⁣١) لم يثبت النسب ولا الحضانة؛ إذ فيها حق للملتقط فإن صادقه ثبت للصبي الأصلح من الحاضنين؛ لأن له فيها حقاً لا يسقط بالمصادقة بينهما، بخلاف ما إذا ثبت النسب؛ لأن الحضانة تابعة له حينئذ.

  فرع: ويعلم مما ذكرنا أن التقاط الصبي من دار الحرب غير واجب وأنه لا يشترط له الولاية؛ لأنه غنيمة يملكه الملتقط مطلقاً.

الضرب الثاني: الأفعال التي هي أسباب في ثبوت ملك

  وهي أنواع:

  منها: الإحياء: وهو سبب ابتداء ملك المباح، ووجه شرعيته ارتفاق العباد بتوسع⁣(⁣٢) متصرفاتهم لقضاء حوائجهم.

  فرع: فلكونه سبباً لم يصح الاشتراك فيه بأن يحرث الأرض أحدهما ويزرع الآخر؛ إذ الصادر من الواحد حينئذ جزء السبب وهو لا يوجب الحكم.

  ولإيجابه الملك جرى مجرى صرائح الأقوال الموجِبات للملك، فلم يفتقر إلى نية، ولذلك افتقر في كونه سبباً إلى كونه موصلاً إلى الحكم عرفاً.

  ولكونه كالقول الصريح اشترط قَصْدُ الفعل وإلا لكان كمن سبقه لسانه.

  فرع: ولكونه سبباً في ابتداء الملك لا في نقله لم يُوجِبْه إلا فيما كان باقياً على أصل الإباحة، فإذا أحيا المسلم ما مات من أراضي أهل الحرب، كان ذلك نقل ملك وقع باليد، لا ابتداء ملك وقع بالإحياء، ولذلك صح الاشتراك فيه وكفى فيه مجرد اليد.


(١) ساقط من (ج).

(٢) في (ج): «بتوسيع».